أنا ووحش الفرو !

ـــــــــ من الرائع أن تطعم حيوانك الأليف
ـــــــــ لكن أن تراه يكبر على يديك ليتحول إلى وحش قاتل لأمر مثير للهلع !

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته !
كيف حالكم جميعاً ؟

أقدم لكم قصة قصيرة تعتبر خلاصة خبرة عامين لي من التعامل مع مخلوقات صغيرة تدعى القداد
أتمنى لكم قراءة ممتعة، لكن رجاءاً لا تدعوا القصة تلهكم عن الصلوات المفروضة !

___



أنا ووحش الفرو !



هكذا بدأ كل شيء، كنت أمتلك روتين يومي باعث للمرض إلى أن اقتنيت زوجاً من حيوانات القداد التي تُعرف اليوم

باسم "الهامستر". لقد كانت أنثى القداد هذه نحيلة جداً وصغيرة الحجم بفرو رمادي يشوبه بعض الشعيرات السوداء

كلون عيناها، وزوجها يمتلك فرو أبيض ناصع وعينان حمراوان. أطلق أخي الصغير عليه اسم " تَختوخي " لأنه كان سميناً

جداً،يشبه كرة الفرو ويحب الأكل طوال الوقت. فرحت بهذان الإثنان فرحاً لا يوصف، كنت بحق بحاجة إلى مخلوقات

صغيرة تملأ علي حياتي المملة. مع مرور الوقت أنجب اللإثنان ثلاثة صغار. صُدمت بالفعل عندما رأيت صغارهما لأول

مرة،كانوا بحجم ظافر الإنسان أو أكبر بقليل ولهم جلد أحمر بلا شعر، كانوا يشبهون صغار القطط على نحو ما

بأعينهم المغلقة تلك. مرّ يومان ثم لاحظت تغير لون الصغار إلى اللون الأزرق البنفسجي، كانوا لا يتحركون على الإطلاق

وعندها أدركت أنهم جميعاً أموات ، نعم جميعاً، لقد رفضت والدتهم ارضاعهم فماتوا جوعاً. حقاً كرهتها من كل قلبي في

تلك اللحظة، أي قلب تملكه لتدع صغارها يموتوا أمام عينيها.. يالا القسوة! سألت البائع الذي اشتريتها منه فقال لي أن

أنثى القداد عندما تنجب في سن مبكر فإنها غالباً لا تهتم بصغارها. لعل زوجها حزن على صغاره حزناً أشد من الذي

حزنته أنا. مجدداً أنجبت مرة أخرى لكن لحسن الحظ كانت بعمر أكبر هذه المرة، كنت أراقبها من الحين للآخر

لأطمئن على صغارها الأربعة، بعد اسبوعان من الولادة اكتمل نموهم وتفتحت أعينهم كان ثلاثة منهم يشبهون

والدهم بفرو أبيض. واحد فقط كان رمادي اللون، لطالما استمتعت بمراقبتهم، بالنسبة لهم وقت الطعام هو

وقت ذروة نشاطهم، حيث يتشاجرون مع بعضهم البعض على من سيحصل على الحصة الأكبر من الطعام، وكان

أحد الصغار سمين جداً وكان يجلس في منتصف إناء الطعام الصغير ليمنع باقي اخوته من الوصول إلى طعامه

ثم يأتي "تختوخي" ويقوم بإخراجه من الإناء ليأكل هو، فتأتي زوجته وتتشاجر معه ومع أبناءه بعضة من هنا

وأخرى من هناك تصحبها بضع صرخات ثم تستولي هي على الإناء بأكمله، وتجمع كل ما تقدر على جمعه وتخزنه

لديها. كانوا يمضون ثلاثة أرباع يومهم في النوم والربع الآخر في الأكل واللعب والشجار، وعلى هذا حالهم

كل يوم. في ليلة ما استيقظت فزعة على صوت صراخ أحد الصغار، رأيته يركض في أرجاء القفص كالمجانين

ويقفز هنا وهناك، كان يتألم بشدة والدم ينزف من فمه، رششت عليه بضع قطرات من ماء خلطته مع دواء

منوم كانت أمي تستعمله، فأغشي عليه على الفور، لعلي لم أنتبه وقتها إلى مدى تركيز الدواء من الهلع

الذي أصابني، أخذته وغسلت له فمه، كان مصدر النزيف هو كسر في أحد الأسنان الأمامية، كان قد أمضى

الليل بطوله يقرض قضبان القفص كعادته إلى أن كسر سنه بعنف، عالجت له جرحه وعقمته وأوقفت

النزيف بقطعة شاش وربطت فمه كي لا يحاول قرض شيء مجداداً فينفتح جرحه من جديد ويموت

فصلته عن الباقين وأخذت أغير له رباط فمه والشاش في كل مرة اطعمه فيها إلى أن تحسن والتأم جرحه

فأعدته لأخوته،ثم في يو آخر عدت من الجامعة ووجدت " تختوخي " بلا أذنان على الإطلاق كان أحد ما

قد اقتلعهما له بلا رحمة، ووجدت ثلاثة من الصغار قد حل بهم مثل ما حل به. كان مظهرهم مقرف بحق.

كانت زوجة "تختوخي" هي من فعلت به وبأبنائه ذلك كانت قوية وعدائية جداً رغم حجمها الصغير، كانت تحرص

على ألا يشاركها أحد طعامها وكان "تختوخي" على خلافها طيب جداً يتحملها بصبر ويشارك أبناءه طعامه .

لم أحتملها في ذلك اليوم، كنت غاضبة وحزينة على آذانهم المقطوعة، ذهبت إلى والدي أخبرته بما حدث، قلت له

أني لا أطيق رعايتها بعد اليوم. أردت التخلص منها ومن شرها، لكن والدي أقنعني بأن يتوجب علي تحمّل

المسؤولية التي ورطت نفسي فيها. فصلتها عن أفراد عائلتها كي لا تؤذيهم، لاحظت بعدها قلة رغبتها

في الطعام وكسل رهيب أصابها بعد أن أصبحت وحيدة، حتى العجلة الدوارة لم تعد تلعب بها وهي التي كانت

تتشاجر مع الكل عليها، كانت حزينة ومنكسرة، أثّرت في فأعدتها لزوجها وأبنائها.

مضت أربعة أشهر والحال ذاته لم يتغير. شجار على الطعام وجروح أصابت اثنان من الصغار، وعندما عدت من

الخارج في أحد الأيام وجدت أحد الأبناء مفقود وفروه في وسط القفص ملقي، وكانت الأم مليئة بالدماء، أدركت

أنها قتلته ومن ثم أكله أخوته. هذا تصرف شائع جداً لدى القداد. بعدها قتلت الابن الثاني والثالث وشرها

يزداد، بالطبع لم أكذب خبراً وأخذتها وزوجها وابنها الوحيد الذي بقي حياً بأذنين مقطوعتين إلى البائع عينه.

قلت له لا أريدهم ولا أريد ثمنهم خذهم وأرحني رجاءاً ! عندها ألقى البائع عليهم نظرة ولم يسألني عن

ما حدث ولكنه اكتفى بأن أومأ لي موافقاً كمن يقول: أتفهم ما حدث ! بعد هذه المواقف كلها لم أقم بتربية أي

مخلوق صغير كتلك المتوحشة التي جعلتني أكره كل قداد رأيته بعدها. مضى قرابة الأسبوع، كنت أتناول فطوري

في المطبخ ورأيتها تركض مارة من بين قدمي بسرعة كبيرة، كنت أشعر بأنها هي رغم ثقتي من إعادتها للبائع، أخذت

أبحث عنها تحت الطاولات والكراسي هنا وهناك بلا جدوى،كنت واثقة من أنها عادت إلى المنزل بطريقة أو

بأخرى، وتكرر ظهورها لي عدة مرات، وفي إحداها عضت قدمي بشدة ورغم ذلك لم أمسكها، وفي كل

مرة أخبر أحد فيها بأنها لاتزال في المنزل أسمع ضحكات وعبارات استهزاء من اخوتي، ونظرات شك من

والدي. على الرغم من أني جعلتهم يرو أثر العضة لكن بلا فائدة، لم يكن هناك من يأبه سواي. وشيئاً فشيئأ

بدأت أشك في صحتي العقلية، العجيب أنها استولت فيما بعد على جزء من عقلي الباطن، فكانت أسوأ

ليالي حياتي هي تلك التي أستيقظ فيها على كابوس مرعب تظهر فيه أنثى القداد هذه بحجم مهيب

لتطاردني، أو عندما أهب من الفراش مذعورة وصوت أسنانها وهي تُقرقض القضبان لا يزال يدوي في أذني.





تمت.