الدونمة يهود متمسلمون

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في العام 1665م والعام الموالي له.. إنتشرت موجة من الفرح عمت كل الجاليات اليهودية في العالم شرقا وغربا، فأقاموا الإحتفالات والمآدب، والسبب كان ظهور يهودي يدعي بأنه المسيح الموعود، والذي سيحكم العالم بحيث يجعل اليهود أسيادا والبوريم كما يسموا البقية من غير جنسهم عبيدا.
إنه ( سبتاي صفي ) والذي كانت ولادته يوم التاسع من آب حسب التقويم اليهودي، وهو اليوم الذي هدم فيه المعبد اليهودي في القدس، والإعتقاد السائد عندهم أن المخلص المسيح ستكون ولادته في هذا اليوم.
هذا الشخص كان فريدا في تصرفاته، كما كانت حركته من أكبر الحركات وأكثرها تأثيرا في التاريخ اليهودي منذ القرن الثاني الميلادي وكانت تسمى بالسبتائية نسبة لمؤسسها.
ولد في أزمير بتركيا عام 1626م وهو أحد ثلاثة لتاجر إسمه ( موردخاي ) هاجر من اليونان واستقر بتوركيا حيث وجه إبنه لدراسة العلوم الدينية ليصبح حاخاما وهو ما اعترف له به ولم يتجاوز الثامنة عشر من عمره. ولأفعال مشينة لغرابة أطواره لم تكن لتناسب حاخامات الترك طرد عام 1654م فذهب إلى اليونان الذي طرد منه هو الآخر بعد سنتين فقط ليعود إلى تركيا ويستقر بإسطنبول. وفي العام 1662 سافر إلى فلسطين فاشترى بيتا في القدس .
احتاجت الجالية اليهودية للمال كعادتها وأرادت إستجلابه من مصر فوقع الإختيار على سبتاي الذي ربطته صداقة متينة مع الثري ( رفائيل جوزيف ) عندما كان في طريقه إلى فلسطين وكون هذا الرفائيل كان من أعيان السلطة وقتها فقد كان لزاما أن يقوم بالوساطة بين اليهود المصريين وقد دخلها فعلا سنة 1663م
لقد استطاع بدهائه أن يتزوج يهودية أيطالية تدعي هي الأخرى بأنها ستكون زوجة للمسيح وبمساعدة (ناثان المتنبئ) إستطاعوا إشاعة ظهور المسيح وما على اليهود سوى تقديم ولاء الطاعة والتوبة للمخلص الجديد وهكذا إنتشر الخبر الذي أغضب الحاخامات وكذلك قاضي القدس فطردوه إلا أن الأخبار كانت قد انتشرت كالنار في الهشيم وبعودته إلى تركيا توافدت الوفود عليه كما ممثلوا الجاليات حاملين رسائل التأييد والإعتراف بمسيحيته وملكه على يهود العالم.
أحس سبتاي قوة التأييد فاستعد للعودة إلى فلسطين فجعل الأتباع يبيعون ممتلكاتهم وكل ما لديهم واستأجروا لفقرائهم سفنا تنقلهم ومن طرائف الأحداث أن اليهود وهم يقدمون توبتهم أمام سبتاي يصرخون وبحالة هستيرية حتى كان يغمى على بعضهم.
لكن وكما يقول المثل العربي: { تتعذب النملة عندما تتجنح }
فعندما أحس النصرة والتأييد وصدق مؤيديه قام واستغل الوضع الجديد فألغى الدعاء للخليفة والذي كان برفع له في الكنيس ووضع لنفسه دعاء له كما أضفى لنفسه عدة أسماء كان يوقع بها رسائله للوفود عبر العالم ومن بين هذه الأسماء ( إبن الله البكر)و(أبوكم إسرائيل)و(أنا الرب إلهكم سبتاي صفي) وقد أثار اللقب الأخير حفيظة وغضب الحاخامات الذي ضاع في زخم التأييد. ثم عرج يلغي الوصايا العشر ليضع مقابلها الوصايا الثماني عشر وألغى صيام السابع عشر من تموز حسب التقويم اليهودي وكذلك ألغى صيام التاسع من آب والذي يوافق هدم الكنيس السالف ذكره وجعل اليوم احتفالا بميلاده وأمر فيه بالراحة والملذات
في نفس العام ذهب في مجموعة من مؤيديه إلى قصر الباب العالي مطالبا بالحكم ولأن السلطة كانت ترصده عن كثب وتتبع خطواته أولا بأول فقد أودع السجن ومنه كان يطمئن أتباعه ويدعوهم للصبر ومزيد من التأييد إلا أنه وأثناء محاكمته أمام الوالي الذي طلب الحجة على ادعائه وبإيعاز من طبيب الوالي اليهودي الذي نصحه بادعاء الإسلام لسلامته من الموت المحتم فقبل النصيحة واعتمر العمامة وتبعه في ذلك زوجته وبعض أتباعه مندهشين مما حصل ويحصل فقد أعطي لقب(قابجي باشا) وصرف له راتب من الحكومة.
كان هذا الحادث بمثابة الكابوس الذي هز كيان الحركة إلا أن ناثان المتنبئ وخوفا من ضياع الجهد فقد أفشى بين اليهود أن السر خطير وعليهم مسايرة الأحداث حتى يأتي اليوم الذي سيكشف عنه مما جعل الكثيرين منهم يظهرون إسلامهم في حين بقي البعض الآخر كما هو ... وقد مات سبتاي بصورة مفاجئة سنة 1676م إلا أن حركته لم تمت وحياة الإزدواجية التي عاشها جعلت منه مسلما في الظاهر ومسيحا موعودا في الخفاء وهذا أيضا ما كان يعلنه لكلا الطرفين وقد بقيت الظاهرة السبتائية محافظة على ازدواجيتها حتى اليوم . وقد ظهر بعد سبتاي كثير من الأدعياء للألوهية حتى عام 1700م عندما اتفق رهط من رجال الدين على تكوين حركة سبتائية سميت حينها ب(حركة يهودا حصيد) وقد إنضوى تحتها الكثير من يهود اروبا.
أهم ما يميز السبتائية أن أتباعه يعتقدون أن الإله قد تجسد في سبتاي، ثم أن الإيمان بالتوراة الحالية قد ألغيت بظهور المخلص في نظرهم بذلك بطُلت بظهور المسيح والتزامهم بالوصايا الثماني عشر التي شرعها سبتاي والتي تنظم العلاقة بين الأتباع وتوجب الزواج بينهم فقط كما تلزمهم بإقامة الأعياد والصلوات الإحتفاظ بالشخصيتين وذلك بإظهار معتقد معين وإخفاء المعتقد الحقيقي مما يصعِّب من تمييز ومعرفة أتباع هذه الطائفة . وهم في معتقدهم شبه البذرة التي تثمر مخفية حقيقتها حتى تندس في التراب ويقولون بأن الإيمان الحقيقي هو ذاك المخفي وما الظاهر سوى زيف وانكفاء.
غالبية هؤلاء يعيشون اليوم في تركيا والأتراك هم من سموهم بالدونمة ومعناها ( المتحول من دين لآخر)وهم يملكون العديد من الصحف التركية والكثير من المؤسسات والمرافق الحيوية مما يؤهلهم للضغط على السياسة ولو بأساليب غير مرئية وموازة مع تطبيقهم لفرض الإسلام ظاهريا فلديهم عادات قبيحة في حفلاتهم وأعيادهم بحيث يصبح كل شيئ حلال بينهم....

ومع تحيات عبد العزيز:1 (6):