تذكرني !
تابعنا على
Bleach 25-26 منتديات العاشق
قسم الأدب العربي و العالمي هو للمنقول من الشعر والنثر، والقصص والروايات مع الالتزام بشروط النقل الموضحة بموضوع القوانين

حمى اهله حيا و ميتا

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-15-2013, 09:42 AM
الصورة الرمزية Sherlock Holmes  
رقـم العضويــة: 186877
تاريخ التسجيل: Mar 2013
الجنس:
المشـــاركـات: 48,740
نقـــاط الخبـرة: 14767
Skype :
افتراضي حمى اهله حيا و ميتا

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
كيفكم اخواني
اليوم موضوعي سيىحدث عن شجاعة واحد من فرسان بني كنانة و اسمه ربيعة بن المكدم

من هو ربيعة بن المكدم

هو ربيعة بن مكدم بن عامر بن خويلد بن جذيمة بن علقمة بن فراس بن غنم بن ثعلبة بن مالك بن كنانة وقد نسبه ابن الكلبي فقال ربيعة بن مكدم بن حدبان بن جذيمة بن علقمة و في كلا الحالتين فالفارس من بني فراس من كنانة

و هو أشجع رجل عرفه العرب .. ومن فرسان العرب المشهورين والمعدودين صاحب الفرس : اللطيم، ينتمي ربيعة إلى أشرف بيوتات بني مالك بن كنانة وأحد أشجع وأنجد أحياء العرب إذا كان جده جذل الطعان علقمة بن فراس من أشهر فرسان العرب وكان ذا شعر وفخر كما كان بنو فراس قلانسة العرب أصحاب النسئ وعد بعض المؤرخين الرجل من بني فراس الكنانية بعشرة من غيرهم

و قال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه لجيشه من أهل الكوفة يوم صفين :

(( مَن فاز بِكُم فقد فاز بالسَّهم الأَخْيب ، أبْدلَكم الله بِي مَن هو شَرٌّ لكم ، و أبدَلَني بكم من هو خير منكم ..
وددت والله أنَّ لي بجميعكم وأنتم مائة ألف : ثلاثمائة من بني فراس بن غنم ))


كناية عن شجاعتهم وبلائهم وثباتهم الشديد في الحروب وكانوا يسكنون جنوب مكة ثم هاجر بعض منهم إلى صعيد مصر بساقية قلتة وبالبهنسا وإلى الشام أيام الفتوحات الإسلامية.

كان ربيعة بن مكدم أحد أشهر فرسان قبيلة كنانة في عصره وكان شجاعا مهابا رغم صغر سنه حتى إن العرب ضربت به المثل في الشجاعة والحمية فيقال : "أشجع من ربيعة بن مكدم" و"أحمى من مجير الظعن" و لم يكن يهاب أحدا إذ كان يلقى الرجل الواحد ويلقى مئات الرجال فما يثنيه ذلك عن شيء يقول عنه أبو عبيدة معمر بن المثنى : ((فارس كنانة ربيعة بن مكدم الفراسي أحد بني فراس بن غنم بن مالك بن كنانة كان يعقر على قبره ولا يعرف في الجاهلية الجهلاء عربي كان يعقر على قبره غيره، كان لا يمر به رجل من العرب إلا عقر)).

و من أخباره أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لقي الفارس عمرو بن معد يكرب الزبيدي فسأله عن أفرس العرب فقال عمرو الزبيدي : ((يا أمير المؤمنين، قد كنت أكره الكذب في الجاهلية وأنا مشرك فكيف إذ هداني الله تعالى للإسلام؟ لقد قلت ذات يوم لخيل من بني ذهل: هل لكم في الغارة؟ قالوا: على من؟ قلت: على بني البكاء، قالوا: مغار بعيد على شدة كلب وقلة سلب، قلت: فعلى من؟ قالوا: على هذا الحي من كنانة فإنه بلغنا أن رجالهم خلوف. فخرجت في خيل حتى انتهيت إلى واد من أوديتهم فدفعت إلى قوم سراة؛ قال له عمر: وما أدراك أنهم سراة؟ قال: انتهيت إلى قباب عظيمة من أدم، وقدور متأقة وإبل وغنم، فقال عمر: هذا لعمري علامة السرور، قال عمرو: فانتهينا إلى أعظمها قبة فأكشفها عن جارية مثل المهاة، فلما رأتني ضربت يدها على صدرها وبكت، فقلت: ما يبكيك؟ قالت: ما أبكي على نفسي ولا على المال، فقلت: على أي شيء تبكين؟ قالت: على جوار أتراب لي قد ألفتهن وهن في هذا الوادي، قال: فهبطت الوادي على فرسي فإذا أنا برجل قاعد يخصف نعله، وإلى جانبه سيف موضوع، فلما رأيته علمت أن الجارية قد خدعتني وما كرتني، فلما رآني الرجل قام غير مكترث، ثم علا رابية، فلما نظر إلى قباب قومه مطروحة حمل علي وهو يقول:

قد علمت إذ منحتني فاها
ولحفتني بكرة رداها
أني سأحمي اليوم من حماها
يا ليت شعري ما الذي دهاها

فقلت مجيباً له :

عمرو على طول السرى دهاها
بالخيل يزجيها على وجاها
حتى إذا جل بها احتواها


ثم حملت عليه و أنا أقول :

أنا ابن عبد الله محمود الشيم
مؤتمن الغيب وفيٌ بالذمم
من خير من يمشي بساقٍ و قدم


قال : فحمل علي وهو يقول :

أنا ابن ذي الاقيال أقيال ألبهم
من يلقني يُود كما أُودت إرم
أتركه لحما على ظهر وضم


قال: واختلفنا ضربتين، فأضربه أحذر من العقعق، ويضربني أثقف من الهر، فوقع سيفه في قربوس سرجي فقطعه، وعض كاثبة الفرس، فوثبت على رجلي قائما وقلت: يا هذا ما كان يلقاني من العرب إلا ثلاثة: الحارث بن ظالم لسنه والتجربة، وعامر بن الطفيل للشرف والنجدة، وربيعة بن مكدم للحياء والبأس، فمن أنت ثكلتك أمك؟ قال: بل من أنت ثكلتك أمك؟ قلت: أنا عمرو بن معدي كرب الزبيدي، قال: وأنا ربيعة بن مكدم، قلت: اختر مني إحدى ثلاث خصال: إما أن نتضارب بسيفينا حتى يموت الأعجز؛ وإما أن نصطرع فأينا صرع صاحبه قتله، وإما المسالمة، قال: ذاك إليك فاختر، قلت: إن بقومك إليك حاجة وبقومي إلي حاجة، والمسالمة أولى وخير للجميع. ثم أخذت بيده فأتيت به أصحابي وقلت لهم: خلوا ما بأيديكم قالوا: يا أبا ثور غنيمة باردة بأيدينا تأمرنا أن نتركها؟ فقلت لهم: لو رأيتم ما رأيت لخليتم وزدتم، خلوا وسلوني عن فرسي ما فعل؛ قال: فتركنا ما بأيدينا وانصرفنا راجعين)).

و ذكر أسامة بن منقذ في كتابه لباب الآداب نفس القصة عن عمرو بن معد يكرب ولكن موسعة قائلا : ((روي: أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضوان الله عليه قال لـعمرو بن معد يكرب الزبيدي : أخبرني عن أشجع من رأيت. قال: والله - يا أمير المؤمنين - لأخبرنك عن أجبن الناس وعن أحيل الناس وعن أشجع الناس. فقال له عمر : هات. فقال : ارتبعت الضبابية - يعني فرسه - فخرجت كأحسن ما رأيت، وكانت شقاء مقاء طويلة الأنقاء، فركبتها، ثم آليت لا لقيت أحدا إلا قتلته ! فخرجت وهي تنقز بي، فإذا أنا بفتى، فقلت: خذ حذرك فإني قاتلك ! فقال: ألا تنصفني يا أبا ثور ؟ أنا كما ترى أعزل أميل عوارة، أمهلني حتى آخذ نبلي ! قلت: وما غناؤها عنك ؟ قال: أمتنع بها منك، قلت: خذها، قال: لا، أو تعطيني من العهود ما يثلجني أنك لا تروعني أو آخذها، فأثلجته، فقال: وإله قريش لا آخذها أبدا ! فسلم - والله - مني وذهب. فهذا أحيل الناس !! فمضيت حتى اشتمل علي الليل، فوالله إني لأسير في قمر زاهر إذا بفتى على فرس يقود ظعينة وهو يقول : يا لبينا يا لبينا... ليته يعدى علينا ثم يبلى ما لدينا ثم يخرج حنظلة من مخلاته فيرمي بها إلى السماء، فلا تبلغ الأرض حتى ينتظمها بمشقص من نبله ! فقلت له: خذ حذرك - ثكلتك أمك - فإني قاتلك ! فمال عن فرسه فإذا هو في الأرض مضطجعا، فقلت: إن هذا إلا استخفاف، فصحت به: ويلك ما اجهلك ! فلم يتحلحل، فدنوت منه حتى شككت بالرمح إهابه، فاذا به كأنه قد مات منذ سنة ! ! فمضيت وتركته، فهذا أجبن الناس ! ومضيت فأصبحت بين دكادك ورمال، فنظرت إلى أبيات فعدلت إليها، فاذا فيهن جوار ثلاثة كأنهن نجوم الثريا، فبكين حين رأينني، فقلت: ما يبكيكن ؟ قلن: لما ابتلينا به منك، ومن ورائنا أخت لنا هي أجمل منا ! فأشرفت من فدفد، فاذا من لم أر قط أحسن منه ومن وجهه، فاذا بغلام يخصف نعله وعليه ذؤابة يسحبها، فلما نظرني وثب إلى الفرس مبادرا، فسبقني إلى البيوت، فوجد النساء قد ارتعن، فسمعته يقول: مهلا نسياتي إذا لا ترتعن... إن يمنع اليوم نساء تمنعن أرخين أذيال المروط واربعنفلما دنوت منه قال: أتطردني أو أطردك ؟ قلت: بل أطردك، وركضت في أثره، حتى إذا مكنت السنان من كتفيه أتكأت عليه فاذا هو لبب فرسه، ثم استوى في سرجه، فقلت: أقلني ! قال: اطرد، فطردته، حتى ظننت أن السنان في ماضغيه فاعتمدت عليه فاذا هو قائم في الأرض والسنان ماض، واستوى على فرسه، فقلت: أقلني ! قال: قد أقلتك فاطرد، فطردته، حتى إذا أمكنت السنان من متنه اتكيت عليه وأنا أظن أن قد فرغ منه جال في سرحه حتى نظرت إلى يده في الأرض، ومضى السنان زالجا، ثم استوى، وقال: أبعد ثلاث تريد ماذا ؟ ! اطردني ثكلتك أمك ! فوليت وأنا مرعوب منه، فلما غشيني التفت فاذا هو يطردني بالرمح بلاسنان، فكف عني واستنزلني، فنزلت ونزل، فجز ناصيتي ثم قال: انطلق فإني أنفس بك عن القتل ! فكان ذلك عندي - والله يا أمير المؤمنين - أشد من القتل، فذاك يا أمير المؤمنين أشجع من لقيت، وسألت عنه ؟ فقيل لي: ربيعة بن مكدم الفراسي من بني كنانة )).

و من قصص ربيعة بن مكدم أيضا أن جمعا من قبيلة غامد من الأزد غزوا بني فراس من كنانة في مئتي رجل من غامد وقالوا حين شارفوا الحي :

كم ترون يلقانا و نحن مئتا رجل ؟

فلقيهم ربيعة بن مكدم لوحده فهزمهم ورد جمعهم

و قد قالت امرأة من غامد في هزيمة ربيعة بن مكدم لجمع غامد وحده :

ألا هل أتاها على نأيها ** بما فضحت قومها غامد
تمنيتم مائتي فارس ** فردكم فارسٌ واحـد
فليت لنا بارتباط الخيول ** ضأناً لها حالبٌ قاعد


القصة

أما أشهر ما عرف عن ربيعة بن مكدم فهو حمايته لظعن قومه أكثر من مرة - والظعن هو الهودج إذا حمل النساء - وقد كان ربيعة يلقب بـ "حامي الظعائن" و"مجير الظعن" و أولى تلك المرات في وادي الأخرم أحد وديان كنانة وقصته في ذلك أن كنانة كانت لها حروب وغارات مع بني قيس عيلان بن مضر وفيها قتلوا منهم جمعا ثم ودوهم ولكن القيسية أعدوا للثأر فخرج دريد بن الصمة على رأس جمع من جشم من هوازن القيسية يبفون الغارة على بني فراس الكنانية فلقوا ظعناً لبني فراس يسوقها ربيعة بن مكدم لوحده فلما نظر إليه دريد بن الصمة قال لفارس من أصحابه: صح به: خل عن الظعينة وانج بنفسك .. فلما انتهى الفارس إلى ربيعة صاح به وألح عليه أن يترك الظعينة فألقى ربيعة زمام الناقة وقال :

سِيرِي على رِسْلِكِ سَيْرَ الآمِن
سَيْرُ رَدَاحٍ ذَاتُ جَأْشٍ سَاكِن
إنَّ انثنائي دون قرني شائني
أبلي بلائي و أخبري و عايني


ثم حمل عليه فصرعه وأخذ فرسه فأعطاه للظعينة. فبعث دريد فارساً آخر لينظر ما صنع صاحبه. فلما انتهى إليه ورأى ما صنع صاح به .. فتصامم عنه كأن لم يسمع. فظن أنه لم يسمع، فغشيه. فألقى زمام الراحلة إلى الظعينة، ثم خرج وهو يقول:

خَلِّ سبيل الْحُرَّةِ المنيعه
إنكَ لاقٍ دونها ربيعه
في كَفِّهِ خطيةٌ مطيعه
أو لا فخدها طعنةٌ سريعه
فالطعن مني في الوغى شريعه


ثم حمل عليه فصرعه. فلما أبطأ على دريد بعث فارساً لينظر ما صنعا. فلما انتهى إليهما وجدهما صريعين، ونظر إليه يقود ظعينته ويجر رمحه. فقال له الفارس: خل عن الظعينة. فقال للظعينة: أقصدي قصد البيوت، ثم أقبل عليه فقال:

ماذا تريدُ من شتيمٍ عابس
ألم ترَ الفارسَ بعد الفارس
أرداهما عاملُ رُمْحٍ يابس


ثم حمل عليه فصرعه وانكسر رمحه. وارتاب دريد فظن أنهم قد أخذوا الظعينة وقتلوا الرجل. فلحق دريد ربيعة، وقد دنا من الحي، ووجد أصحابه قد قتلوا، فقال: أيها الفارس، إن مثلك لا يُقتل، ولا أرى معك رمحك والخيل ثائرة بأصحابها، فدونك هذا الرمح فإني منصرف إلى أصحابي ومثبطهم عنك. فانصرف إلى أصحابه، فقال:

إن فارس الظعينة قد حماها وقتل أصحابكم وانتزع رمحي، ولا مطمع لكم فيه. فانصرف القوم. فقال دريد في ذلك:

ما إن رأيت ولا سمعت بمثلهِ ** حامي الظعينة فارساً لم يُقْتَلِ
أردى فوارسَ لم يكونوا نهزةً ** ثم استمرَّ كأنه لم يفعلِ
متهللاً تبدو أَسِرَّةَ وجههِ ** مثل الحُسَامِ جَلَتْهُ كف الصيقلِ
يُزْجِي ظعينتهُ و يسحبُ رمحهُ ** متوجهاً يمناه نحو المنزلِ
و ترى الفوارسَ من مهابةِ رُمْحِهِ ** مثل البغاث خشين وقعِ الأجدلِ
يا ليت شعري من أبوهُ و أمهُ ** يا صاحَ من يَكُ مثلهُ لا يُجْهَلِ

و رد عليه ربيعة بن مكدم قائلاً :

إن كان ينفعك اليقين فسائلي ** عني الظعينة يوم وادي الأخرمِ
إذ هي لأول من أتاها نهبةً ** لولا طِعَانُ رَبِيْعَةَ بْنُ مُكَدَّمِ
إذ قال لي أدنى الفوارس منهم ** خل الظعينة طائعاً لا تندمِ
فصرفت راحلة الظعينة نحوه ** عمدا ليعلم بعض ما لم يعلمِ
و هتكت بالرمح الطويل إهابهُ ** فهوى صريعاً لليدين و للفمِ
و منحت آخر بعده جياشةً ** نجلاءَ فاغرةً كشدقِ الأضجمِ
و لقد شفعتهما بآخر ثالثٍ ** و أبى الفرارُ عن العداةِ تكرمي


و بعد أن رجع دريد بالجمع الهوازني عن بني فراس وقيل بعد ذلك بزمن اقترب ربيعة من حمى قومه وكان معه من بني فراس عبد الله بن جذل الطعان وأبو الفارعة الحارث بن مكدم بالكديد 42 ميلا عن مكة لقيه نبيشة بن حبيب السلمي في ركب لبني سليم القيسية يبغون الثأر من كنانة ، فلما رآهم الحارث قال :

هؤلاء بنو سُليم يطلبون دماءهم

فرد عليه ربيعة : أنا أذهب حتى أعلم علم القوم فآتيكم بخبرهم

وتوجه نحوهم و هرب أصحابه ، فلما ذهب صاحت بعض ظعن كنانة : أن هرب ربيعه

فقالت أخته عزة بنت المكدم : أين تنتهي نفرة الفتى ؟ فعطف وقد سمع قول النساء - فقال :

لقـد فـرقـن أنني غـيـر فـرق ** لأطـعنـن طـعـنــةً و أعــتـنـق
أصبحهم صاح بمحمر الحدق ** عضباً حساماً و سناناً يأتـلق


ثم انطلق يعدو به فرسه، فحمل عليه القوم وكان جريحاً من آثار قتاله سابقاً ، فلقيه بعض بني سليم وطاردوه فقتل أحدهم وهو عائد إلى الظعن حتى انتهى إلى أمه فقال اجعلي على يدي عصابة، وهو يرتجز :

شدي على عصب أم سيار
فـقد رُزِيتِ فارساً كالدينارِ
يطعنُ بالرمحِ أمام الأدبارِ


فقالت أمه :

إنا بنــو ثـعـلبـــةَ بـن مـالـك ** مـــرور أخـبــــارٍ لـنا كذلـك
من بيـن مقتولٍ و بين هالـك ** و لا يـكـون الـــــرُّزْءُ إلَّا ذلـك


وشدت عليه عصابة، فاستقاها ماءاً فقالت : إن شربت الماء مت !

فكر علي بني سليم راجعا يشتد عليهم وظل دمه ينزف حتى أثخن ورموه بالنبل ولم يجرؤ أحد منهم أن يقترب منه فقال للظعن :

(( أوضعن ركابكن حتى تنتهين إلى البيوت – أي احثثن ركابكن على السير السريع – فاني ميتٌ من هذا السهم .. وسوف أبقى لكم دونهم على العقبة وأعتمد على رمحي فلن يقدموا عليكن ما اقمت مكاني ))

ففعلن ذلك وهكذا حمى ربيعة بن مكدم الأظعان حياً و ميتاً ، ولم يفعل ذلك غيره

وقال عمرو بن العلاء في ذلك: ((ولا نعلم قتيلاً ولا ميتاً حمى ظعائن غيره وإنه - يقصد ربيعة - يوم إذن غلامٌ له ذؤابة، وقد اعتمد على رمحه – كما قال – وهو واقف لهن على متن فرسه ، حتى بلغن مأمنهن، وما تقدم القوم عليه)) ، فقال نبيشة: إنه لمائل العنق على رمحه وما أظنه إلا قد مات، فرمى فرسه، فقمصت وزالت، فسقط عنها ميتا، وفاتهم الظعن، ولحقوا أبا الفرعة الحارث بن مكدم فقتلوه، وأمالوا على ربيعة أحجارا)).

و مر لاحقا عمرو بن شقيق أحد شعراء قريش على قبر ربيعة، فنفرت ناقته من تلك الأحجار، فقال يرثيه ويعتذر ألا يكون عقر على قبره، ويعير من أسلمه من قومه، ويقال أن هذه الأبيات لحسان بن ثابت:

نفرت قلوصي من حجارة حرةٍ ** بُنِيَتْ على طلق اليدينِ وهوبُ
لا تنفري يا ناق منه فإنه ** سبَّاءُ خمرٍ مُسَعِّرٌ لحروبِ
لولا السفار و بعد خرق مَهْمَهٍ ** لتركتها تحبو على العرقوبِ
فر الفوارس عن ربيعة بعدما ** نجاهمُ من غمة المكروبِ
نعم الفتى أدى نبيشة بزه ** يوم الكديد نبيشة بن حبيبِ


كما رثاه عبد الله بن جذل الطعان بعدة قصائد منها :

خلى علي ربيعة بن مكدم ** حزناً يكاد له الفؤاد يزولُ
فإذا ذكرت ربيعة بن مكدم ** ظلت لذكراه الدموع تسيلُ
نعم الفتى حسبا و فارس بهمة ** يردي بشكته أقب دؤولُ
سبقت به يوم الكديد منية ** و الناس إما ميت و قتيلُ
كيف العزاء ولا تزال خريدة ** تبكي ربيعة غادةً عطبولُ


و قال في رثائه أيضا:

لأطلبن بربيعة بن مكدم ** حتى أنال عصية بن معيصِ
بقياد كل طمرة ممحوصة ** و مقلصٍ عبل الشوى ممحوصِ


وقال أيضاً :

ألا لله دَرُّ بني فراسِ ** لقد أورثتمُ حزناً وجيعا
غداة ثوى ربيعة في مكر ** تمج عروقه علقاً نجيعا
فلن أنسى ربيعة إذ تعالى ** بكاءُ الظَّعْنِ تدعو يا ربيعا


وقال حسان بن ثابت رضي الله عنه يرثيه ويحض على من قتله ويعاتب بني بكر بن عبد مناة بن كنانة "بني علي" على عدم نصرتهم لبني عمهم من بني مالك ويحثهم على أخذ الثأر:

سقى الغوادي رمسك ابن مكدم ** من صوب كل مجلجل وكافِ
أبلغ بني بكر و خص فوارساً ** لحفوا الملامة دون كل لحافِ
أسلمتم حذر الطعان أخاكمُ ** بين الكديد و قلة الأعرافِ
حتى هوى متزايلا أوصالهُ ** للخد بين جنادلٍ و قفافِ
لله دَرُّ بني عليٍ إنَّهُم ** لم يثأروا عوفاً وحي خفافِ


و كان أبو بكر ينشد أبياتاً سمعها من أبي حاتم عن أبي عبيدة لأم عمرو أخت ربيعة بن مكدم ترثيه فتقول:

ما بال عينك منها الدمع مِهْرَاقُ ** سحا فلا عازبٌ عنها ولا راقي
أبكي على هالكٍ أودى فأورثني ** بعد التفرق حزناً حَرُّهُ باقي
لو كان يرجع ميتاً وجد ذي رحمٍ ** أبقى أخي سالماً وجدي و إشفاقي
أو كان يُفْدَى لكان الأهل كلهمُ ** و ما أثمرَ من مالٍ له راقِ
لكنَّ سهام المنايا من نصبن لهُ ** لم يُنْجِهِ طِبُّ ذي طِبٍّ ولا راقي
فاذهب فلا يُبْعِدَنَّكَ اللهُ مِنْ رَجُلٍ ** لاقى التي كل حَيٍّ مثلها لاقي
فسوف أبكيك ما ناحت مُطَوَّقَةٌ ** و ما سريتُ مع الساري على ساقي
أبكي لذكرته عبرى مفجعةً ** ما إن يجف لها من ذكرة ماقي


و لم تلبث كنانة بعد ذلك أن أغارت على بني جشم فأَسر المخارق الكناني دريد بن الصمة سيد بن جشم من هوازن فبينما هو عندهم محبوس إذ جاءت نسوة يتهادين إليه فصاحت إحداهن فقالت: هلكتم وأهلكتم! هلكتم وأهلكتم! ماذا جر علينا قومنا؟ هذا والله الذي أعطى ربيعة رمحه يوم الظعينة، ثم ألقت عليه ثوبها، وقالت: يا آل فراس، أنا جارة له منكم، هذا صاحبنا يوم الوادي. فسألوه: من هو؟ فقال: أنا دريد ابن الصمة، فمن صاحبي؟ قالوا: ربيعة بن مكدم. قال: فما فعل؟ قالوا: قتلته بنو سليم. قال: فما فعلت الظعينة؟ قالت المرأة: أنا هي، وأنا امرأته. فحبسه القوم وأتمروا أنفسهم، فقال بعضهم: لا ينبغي لدريد أن تكفر نعمته على صاحبنا، وقال الآخرون: لا والله لا يخرج من أيدينا إلا برضا المخارق الذي أسره. فانبعثت المرأة في الليل. وهي ربطة بنت الفارس جذل الطعان وقالت:

سنجزي دُرَيْدَاً عن ربيعةَ نعمةً ** وكُلُّ امرئٍ يُجْزَى بما كان قَدَّمَا
فإن كان خيراً كان خيراً جزاؤهُ ** و إن كان شّرَّاً كان شَرَّاً مُذَمَّمَا
سنجزيهُ نُعْمَى لم تكن بصغيرةٍ ** بإهدائه الرمح الطويل الْمُقَوَّمَا
فلا تكفروهُ حَقَّ نعماهُ فيكمُ ** و لا تركبوا تلك التي تملأ الفما
فإن كان حياً لم يضق بثوابهِ ** ذراعاً غنياً كان أو كان مُعْدَمَا
ففكوا دريداً من إِسَار مخارقٍ ** ولا تجعلوا البؤسى إلى الشر سُلَّمَا

فلما أصبحوا أطلقوه. فكسته وجهزته ولحق بقومه. فلم يزل كافا عن حرب بني فراس حتى هلك.

و بعد مقتل ربيعة بن مكدم أغارت بنو سليم على بني فراس مجددا ببرزة فدعا عبد الله بن جذل الطعان إلى المبارزة فبارز أمير بني سليم ذا التاج مالك بن خالد بن صخر بن الشريد وهو يرتجز قائلاً :

ادن بني قرف القمع إني ** إذا الموت كنع لا أستغيث بالجزعِ

فقتله ثم بارز أخاه كرز بن الشريد فقتله ثم بارز أخاهم الثالث عمرو فجرح كل واحد منهما الآخر وتحاجزا .. و قال عبد الله بن جذل في ذلك:

تجنبت هنداً رغبة عن قتاله ** إلى مالكٍ أعشو إلى ضوء مالكِ
فأيقنت أني ثائر ابن مكدمِ ** غداتئذ أو هالكٍ في الهوالكِ
فأنفذته بالرمح حين طعنتهُ ** معانقةً ليست بطعنةِ باتكِ
و أثنى لكرز في الغبار بطعنةٍ ** علت جلده منها بأحمرَ عاتكِ
قتلنا سُلَيْمَاً غثها و سمينها ** فصبراً سليماً قد صبرنا لذلكِ
فإن تك نسواني بكين فقد بكت ** كما قد بكت أُمٌّ لكرزٍ و مالكِ


و قال أيضاً :

قتلنا مالكاً فبكوا عليهِ ** وهل يغني من الجزع البكاءُ ؟
و كرزاً قد تركناه صريعاً ** تسيل على ترائبهِ الدماءُ
فإن تجزع لذاكَ بنو سُلَيْمٍ ** فقدو أبيهم غلب العزاءُ
فصبراً يا سليم كما صبرنا ** وما فيكمُ لواحدنا كِفَاءُ
فلا تَبْعُدْ ربيعة من نديمٍ ** أخو الهلاك إن ذم الشتاءُ
و كم من غارةٍ و رعيلِ خيلٍ ** تداركها و قد حمس اللقاءُ


و لم تتوقف الحروب والثأرات بين بني فراس من كنانة وسليم والتي أججها مقتل ربيعة بن مكدم حتى جاء الإسلام وانتشر وقال في ذلك كعب بن زهير :

أبلغ كنانة غثها و سمينها ** النازلين رباعها بالقاطن
إنَّ المذلة أن تظل دماؤكم ** و دماء عوفٍ تقتضى بضغائن
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع حمى اهله حيا و ميتا:
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
خاطرة طفل فقد اهله abo ata قسم الأدب العربي و العالمي 4 07-24-2011 05:39 PM
طفل سعودي 13 سنه يحكم عليه بالاعدام وينفذ فيه القصاص دون علم اهله....!!!! عاشق ون بيس موووت قسم الأدب العربي و العالمي 12 07-13-2011 03:46 PM
قصة رجل عاش ميتا اربعة ايام داخل قبر !!!!!!!!! طيف ناروتو المسكون قسم الأدب العربي و العالمي 4 09-02-2010 08:20 PM
القبض عليه حيا او ميتا slirac حول العالم من هنا وهناك 3 01-18-2010 02:50 PM
خبــر __(رمضان)__ اللهم اهله علينا بالامن والايمان والسلامة والاسلام العاشق 2005 أرشيف قسم البرامج 0 08-23-2009 08:10 PM

الساعة الآن 08:11 PM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

كُل ما يُكتب أو يُنشر في منتديات العاشق يُمثل وجهة نظر الكاتب والناشر فحسب، ولا يمثل وجهه نظر الإدارة

rel="nofollow" maxseven simplicity and clarity