[[سـلـ °°غـزوة°° سلـ°° بــدر°° ـة]]

الحمد لله مُعزّ من أطاعه واتقاه، ومذلّ من خالف أمره وعصاه، قاهر الجبابرة وكاسر الأكاسرة، لا يذل من والاه ولا يعز من عاداه،
ينصر من نصره ويغضب لغضبه ويرضى لرضاه، أحمده سبحانه وأشكره حمدًا وشكرًا يملآن أرضه وسماه،
وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله وخيرته من خلقه ومصطفاه، صلى الله وسلم وبارك عليه،
وعلى آله وأصحابه والتابعين ولكل من نصره ووالاه.
﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾[آل عمران:102].
﴿ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ وٰحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء
وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِى تَسَاءلُونَ بِهِ وَٱلأَرْحَامَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾[النساء:1].
وبعد
حين ينظر المرء نظرةً لواقعنا ، ويقارنه بماضينا يتحسر ، يتحسر يوم يَجِد البَوْن شاسعًا و الفرق عظيمًا ،
يتحسر يوم يرى تلك الأمة و قد كانت قائدة و إذا بها قد أصبحت تابعة .
الأمة اليوم بحاجة ماسة إلى أن تعود إلى المنهج النبوي والسيرة النبوية لأخذ الدروس والعبر النيرات المباركات,
وتتعلم منها الآداب الرفيعة، والأخلاق الحميدة، والعقائد السليمة، والعبادة الصحيحة، وسمو الأخلاق، وطهارة القلب،
وحب الجهاد في سبيل الله, وطلب الشهادة في سبيله؛ ولهذا قال علي بن الحسن: «كنا نُعلَّم مغازي النبي
كما نُعلَّم السورة من القرآن» وقال الزهري: «في علم المغازي علم الآخرة والدنيا».
وقال إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص: «كان أبي يعلمنا مغازي رسول الله
يعدها علينا ويقول هذه مآثر آبائكم فلا تضيعوا ذكرها» .
اقرءوا التَّارِيخَ إِذْ فيه العِبَرْ *** ضَلَّ قَوْمٌ لَيْسَ يَدْرُونَ الخَــبَرْ
وها نحط وإياكم في بداية هذه السلسلة المباركة
وفيها حاولت الغوص في بطون كتب السيرة النبوية القديمة والمعاصرة لاستلهام الدروس والعبر من غزواته
بلا إطالة ولا إسهاب في ذكر الروايات والآثار والأحاديث لتكون سهلة الفائدة للقارئ الكريم.
وأسال الله الكريم الوهاب العزيز التواب أن ينفع بهذا العمل وأن يجعله لوجهه خالصاً ولعباده نافعا وأن
يجعله في ميزان حسناتي يوم ألقاه إنه ولي ذلك والقادر عليه .




بنـــر الموضوع:

[FONT="]غزوة بدر الكبرى[/FONT][FONT="]: إنها الموقعة الفاصلة في عبادة الله على هذه الأرض هل ستبقى أم ستفنى؟!
ويشعر قائد المعركة بهذه الحقيقة[/FONT]

[FONT="]الحاسمة فيلجأ إلى الله مستنجزًا وعده، مستقبل القبلة، وماداً يده يهتف :
"اللهُمَّ آتني ما وعدتني، اللهُمَّ أنجز لي ما وعدتني، اللهم إن تَهلِكَ هذه العصابة من أهل الإسلام فلن تُعبَد في الأرض،
وما يزال يهتف بربِّه مادًّا يديه حتى سقط رداؤه عن منكبيه، وحتى نزل الوحي مطمئنًا؛
سيُهزَم الجَمْعُ ويُوَلُّونَ الدُّبُر.[/FONT]

[FONT="][FONT="]`[/FONT][/FONT][FONT="]غزوة بدر الكبرى[/FONT][FONT="] :موقعة تكون الخصومة فيها في الله، ويكون القتال فيها بدايةً لسلسلة من المعارك،
يحتدم النزاع فيها بين الحق والباطل، هذه السلسلة من المعارك التي خاضها المسلمون – من بعد-
في فارس والروم لا تحسب الصلة بينها وبين بدر مقطوعة؛ إنها صلة النسب بين الأصل ونتائجه؛
فكان أول سيف شُهِرَ في بدر إيذانًا بابتداء النضال المسلح بين الحق والباطل،
كلما انتهت معركة قامت أختها.[/FONT]

[FONT="]غزوة بدر الكبرى:[/FONT][FONT="]هي أعظم غزوات الإسلام فضلاً وشرفًا للأسباب التالية:[/FONT]

[FONT="]أولاً[/FONT][FONT="]: لأنها أول غزوة كان لها أثرها في إظهار قوة الإسلام، فكانت بدءَ الطريق ونقطة الانطلاق في انتشار الإسلام.[/FONT]

[FONT="]وثانيًا[/FONT][FONT="]: لأنها رسمت الخط الفاصل بين الحق والباطل، فكانت الفرقان النفسي والمادي والمفاصلة التامة
بين الإسلام والكفر، وفيها تجسدت هذه المعاني، فعاشها الصحابة واقعًا ماديًا وحقيقة نفسية،
وفيها تهاوت قيم الجاهلية، فالتقى الابن مقاتلاً لأبيه وأخيه والأخ مواجهة لأخيه.[/FONT]

[FONT="]وثالثًا:[/FONT][FONT="] لأن المحرك لها هو الإيمان بالله وحده، لا العصبية ولا القبيلة ولا الأحقاد والضغائن ولا الثأر،
وفيها تجلت صور رائعة من الإيمان بالله وصفاء العقيدة وحب هذا الدين.[/FONT]

[FONT="]غزوة بدر الكبرى[/FONT][FONT="] :[/FONT][FONT="]بنت التصور الإسلامي لعوامل النصر والهزيمة بطريقة عملية واقعية،
وقررت أن النصر ليس بالعدد ولا بالعدة، وإنما بمقدار الاتصال بالله الذي لا يقف أمامه قوة العباد،
ليوقن المسلمون في عصورهم المختلفة أنهم يملكون في كل زمان ومكان القدرة للتغلب على أعدائهم مهما
كانوا هم من القلة وعدوهم من الكثرة، شريطة أن تتحقق فيهم عوامل النصر الحقيقية.[/FONT]

[FONT="]غزوة بدر الكبرى[/FONT][FONT="]بالأرقام[/FONT][FONT="]:[/FONT]
[FONT="]عدد المسلمين: 314[/FONT]
[FONT="]عدد المشركين: 1000 تقريبًا[/FONT]
[FONT="]شهداء المسلمين: 14[/FONT]
[FONT="]قتلى المشركين: 70 قتيلاً، و70 أسيرًا وعامتهم من القادة[/FONT][FONT="]والزعماء والصناديد[/FONT][FONT="].[/FONT]
[FONT="]العتاد: المسلمون لم يكن معهم سوى فرسين[/FONT][FONT="].[/FONT]
[FONT="]المشركون: 100 فرس عليها مائة درع، سوى دروع في المشاة، و700[/FONT][FONT="]ناقة[/FONT][FONT="].[/FONT]

[FONT="]حين نودي على الجهاد وعد الله المؤمنين هذا الوعد:[/FONT]
[FONT="]﴿وَإِذْ يَعِدُكُمْ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ[/FONT][FONT="]وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ[/FONT][FONT="]﴾[/FONT] [FONT="][الأنفال: 7][/FONT][FONT="]
.. والنفس البشرية دائمًا تميل إلى الراحة والدعة وتتوقى المشقة والضرر،[/FONT]
[FONT="]ولو كان في الراحة الخسران وفي الضرر والمشقة النصر والتمكين وهذا ما حكاه القرآن،[/FONT]
[FONT="]في هذا الوعد ويتأكد في قوله تعالى[/FONT]: [FONT="]﴿كُتِبَ[/FONT][FONT="]عَلَيْكُمْ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا
وَهُوَ[/FONT][FONT="]خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ[/FONT][FONT="]يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ[/FONT][FONT="]﴾ [/FONT][FONT="][[/FONT][FONT="]البقرة:[/FONT] [FONT="]216[/FONT].[FONT="]][/FONT]
[FONT="]في هذه الآية عدة حكم وأسرار ومصالح للعبد، فإن العبد إذا[/FONT] [FONT="]علم أن المكروه قد يأتي
بالمحبوب والمحبوب قد يأتي بالمكروه، لم يأمن أن توافيه[/FONT] [FONT="]المضرة من جانب المسرة،
ولم ييأس أن تأتيه المسرة من جانب المضرة؛ لعدم علمه[/FONT] [FONT="]بالعواقب،
فإن الله يعلم منها ما لا يعلمه العبد. قال الحسن: لا تكرهوا الملمات[/FONT] [FONT="]الواقعة،
فلرب أمر تكرهه فيه نجاتك، ولرب أمر تحبه فيه عطبك، وأنشد أبو سعيد[/FONT] [FONT="]الضرير[/FONT]:

[FONT="]رب أمر تتقيه جرَّ أمرًا ترتضيه [/FONT][FONT="]خفي المحبوب منه وبدا المكروه فيه[/FONT]
[FONT="]ومن كلام الحكماء: "[/FONT]
[FONT="]رب مسرة هي الداء، ومرض وهو الشفاء"[/FONT]
[FONT="]كما[/FONT] [FONT="]قال[/FONT]:
[FONT="]كم نعمة مطوية لك بين أنياب النوائب[/FONT]
[FONT="]ومسرة قد أقبلت من حيث ترتقب المصائب[/FONT]
[FONT="]فاصبر على حدثان دهرك فالأمور لها عواقب[/FONT]
[FONT="]ولكل كرب فرجة ولكل خالصة شوائب[/FONT]
[FONT="]و (عسى) من الله إيجاب، والمعنى عسى أن تكرهوا[/FONT] [FONT="]ما في الجهاد من المشقة، وهو خير لكم في
أنكم تَغلبون وتَظفرون وتَغنمون وتُؤجرون،[/FONT] [FONT="]ومن مات مات شهيدًا، وعسى أن تحبوا الدعة وترك
القتال، وهو شر لكم في أنكم تُغلبون[/FONT] [FONT="]وتُذلون ويذهب أمركم، ثم يقول القرطبي معقِّبًا:
"وهذا صحيح لا غبار عليه، كما اتفق[/FONT] [FONT="]في بلاد الأندلس، تركوا الجهادَ، وجبُنوا عن القتال،
وأكثروا من الفرار، فاستولى العدو على البلاد، وأي بلاد؟! وأسَرَ وقَتَل وسبى واسترقَّ،
فإنا لله وإنا إليه راجعون! ذلك بما قدمت أيدينا وكسبته[/FONT]"!.
[FONT="]هذا الذي قاله الإمام القرطبي على الأندلس نقوله نحن عن[/FONT] [FONT="]فلسطين، وقد انتزعها بضعة ملايين
من يهود، من أيدي مليار مسلم؛ وذلك لتركهم الجهاد،[/FONT] [FONT="]وقعودهم عن القتال، وإخلادهم إلى
الأرض، وإتباعهم الشهوات؛ إذ الجهاد والقتال كريه[/FONT] [FONT="]إلى النفس وبغيض إلى القلب، بينما الترف
والشهوات وزينة الأرض محبوبة إلى النفس[/FONT] [FONT="]ويهواها القلب، وغابت عنهم حقيقة هذه الآية، فلا
حول ولا قوة إلا بالله العلي[/FONT] [FONT="]العظيم[/FONT].
[FONT="]وفي بدر[/FONT][FONT="]﴿[/FONT][FONT="]لِيُحِقَّ الْحَقَّ[/FONT][FONT="] بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ [/FONT][FONT="]الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ[/FONT][FONT="] ﴾ [الأنفال:[/FONT][FONT="]7[/FONT]]

---

التعديل الأخير تم بواسطة Tansan ; 08-06-2012 الساعة 06:34 AM سبب آخر: تعديل على الخط وترتيب الموضوع