عرض مشاركة واحدة
قديم 10-14-2018, 02:06 PM   #101
عاشق جديد
 
الصورة الرمزية zinova
رقـم العضويــة: 481391
تاريخ التسجيل: Oct 2018
العـــــــــــمــر: 30
الجنس:
المشـــاركـات: 15
نقـــاط الخبـرة: 12

افتراضي رد: ●● |نقاش الكتب الادبية || ●●



طلب احد الصحفيين الروس مرة من الشاعر الداغستاني الكبير رسول حمزاتوف ان يعطيه تعريفا للادب الروسي, فاجاب حمزاتوف قائلا – انه أدب ( الاباء والبنون) و ( الجريمة والعقاب ) و ( الحرب والسلم ).

اباء وبنون , كما يوحي العنوان فصراع الاجيال هو التيمة الرئيسية بالقصة , هذا الموضوع الذي اثار جدلا واسعا بروسيا عندما صدرت الرواية سنة 1862 , واستنفارا كبيرا من فئة القراء الشباب الذين انتفضو ضد تورجنيف لانهم رأوه انحاز لجهة الاباء , وعارض افكارهم التقدمية . "... تبادرت الى ذهني لاول مرة فكرة الاباء والبنون , هذه القصة التي انتهى بسسبها -والى الابد كما يبدو- ميل جيل الشباب الروسي الي وحسن موقفهم مني..... ويقولون لي انهم (( يحرقون صوري الفوتوغرافية وسط قهقهة الاحتقار ))..." : تورجينيف

بازاروف النهلستي ( =عدمي) هو بطل القصة , انه يرفض كل شيء لا يؤمن بالتقاليد والمبادئ , لا يؤمن حتى بالاله , يعتبر الفن والادب مضيعة للوقت "الكيميائي اكثر فائدة ( بعشرين مرة) من اي شاعر" , لم يسلم من سخريته((بوشكين)) شاعر روسيا الاعظم , ولا حتى الفنان العملاق ((رافائيل)) ... بعدما تخرج الاخير من الجامعة رافق صديقه اركادي كيرسانوف الى ضيعتهم ليقيم معه لبعض الوقت . هناك يتعرف البطل بالوالد نيكولاي بيتروفيتش كيرسانوف الطيب القلب , والعم بافل كيرسانوف العسكري المتقاعد الغامض والحاد الطباع بعض االشيء , كليهما من صلب الجنرال العظيم كيرسانوف . فالاول كان جبانا انطوائيا لم يتلحق بالخدمة العسكرية بسبب اصابة تعرض لها في قدمه , اذ رافقته حتى الكبر فلايزال يعرج قليل ... والثاني كان وسيم الطلعة , ناجح اجتماعيا ومهنيا فقد حقق رتبة رائد بالجيش , لكنه تخلى عن ذلك كله لاجل اميرة وقع في غرامها , والتي تخلت عنه لتموت في اخر المطاف . وكما هي العادة فالكاتب يعرفنا بكل شخصية , بطباعها , وماضيها ليكون بناء مستقبلها متناسقا , منطقيا لدى القارئ ...

ان النقااشات الحادة التي ستدور بين بازاروف واركادي من جهة وبين بافل وينيكولاي من جهة اخرى هي ما ستجسد هذا الصراع الابدي بين الاجيال , وفي الحقيقة فقد اكتسى حوارهم على الرغم من حدته بنبرة كوميدية ستتسرب الى الربع الاول من القصة باكمله ... فبعد هذا الصراع سينتقل الصديقين الى المدينة للترفيه عن انفسهم بعيدا عن العجوزين كيرسانوف كما كان يسميهم النهلستي ... وهكذا يستمر اركادي وبازاروف في الترحال والتعرف بشخصيات جديدة , فتخمد الفكاهة وتحل محلها نبرة جدية , حيث سيعرف بازاروف تغيرات عديدة على مستوى الشخصية جعلته في حيرة من امره هو العدمي اللا مبالي .

ذكرني تعامل تورجينيف مع بطله بتعامل فولتير مع كانديد , فكلاهما يعرضان بطليهما لمواقف تجعلهم يعيدون النظر او يشككون في معتقداتهم , الا ان كانديد بطل هزلي والرواية ساخرة بالدرجة الاولى , لكن في حالة بازاروف فقد كان وقع هذه المواقف ثقيلا وقاسيا عليه . فبعدما سخر هذا الاخير من عاطفة الحب وهزء من قصة بافل كيرسانوف عندما اخبره بها صديقه اركادي... يقع هو الاخر في حب سيدة ارملة التقو بها عند سفرهم الى المدينة عند احد اقرباء عائلة كيرسانوف . ولسخرية القدر فالبطل هو من اعلن عن حبه - السيدة دونيستوفا هي من استدرجته الى ذلك- لتكون اجابة الطرف الاخر "لقد اسأت فهمي" .

وبعد هذا الحادث ستتحول اجواء القصة المرحة الى اجواء كئيبة ... فبعدها توجه الصديقين الى منزل عائلة بازاروف , فوالده كان طبيبا في الجيش وقد خدم سابقا في فرقة الجد كيرسانوف (الجنرال العظيم) ,ووالدته امرأة حنون مرهفة تحب ابنها حبا جما (وكذلك الامر بالنسبة للوالد ) , وعلى عكس ال كيرسانوف الارستقراطيين كان ال بازاروف فقراء . ولم تكد تنقضي 3 ايام حتى قرر بازاروف ترك عائلته , الخبر الذي نزل كالصاعقة على والديه , فثلاثة ايام بعد غياب تلاث سنين ... كما قال بازاروف الاب لامر صعب , لكن وعود الابن بالعودة فيما لا يقل عن شهر خففت ولو قليلا من وجعهم . بعدما حدد الصدقين وجهتهم نحو عائلة كيرسانوف , غرق النهلستي في تجاربه الطبية (كان طبيبا) ولم يعد يجادل العجوزين كثيرا وخاصة بافل الذي كان يريد الانقضاض عليه في كل لحظة ليرد ولو بعضا من كرامته التي اهينت في السابق ... توطدت العلاقة بين بازاروف وفينيتشكا , ودعوني اعرفكم بها . فينيتشكا هي ابنت خادمة لدى نيكولاي بيتروفيتش كان قد وقع في حبها بعد وفاة والدتها وانجب منها طفلا بشكل غير شرعي فهو لم يتزوجها , ويقال ان تورجينيف نفسه كانت له عشيقة (فلاحة) وانجب منها ابنتا غير شرعية فلم يتزوج ابدا .
كانت فينيتشكا خجولة حتى من نيكولاي نفسه , وكان بافل بيتروفتش يرهبها وتشعر كانه يراقبها ... وذات مرة شاهد بازاروف يقبلها ( لم يكن لها يد في ذلك) فدعى العسكري المتقاعد البطل الى مبارزة دون ان يخبره بالسبب الحقيقي , فكل ما ما قاله انهما يكرهان بعضهما البعض , لكن العدمي فطن السبب الحقيقي .... والمبارزة هي نفسها التي كانت تقام بين رعاة البقر , اي بالمسدسات .... ولا تنتهي الا بموت احد الطرفين .
اما النهاية فالافضل ان تستكشفوها بانفسكم .....

هل انحاز تورجينيف لفئة الشباب ؟؟ هل اهان جيل الشباب الروس النذاك ؟؟
في رايي ان تورجينيف كان محايدا , واظهر عيوب كل من الفئتين , والتزام برسالته الا وهي تصوير الواقع كما هو ... ولا يستحق كل هذا التحقير الذي تعرض له وخاصة من التقدميين الشباب , فمن الواضح ان تورجينيف كان يوافق افكارهم التقدمية , بل انه نفسه قد قال بانه يشارك بطله بازاروف كل افكاره الا تلك الخاصة برأيه عن الفن والادب ... حتى ان احدى السيدات اخبرته انه هو نفسه نهلستي . وبعد كل شيء تبقى الرواية من اروع ما انتجه لنا الادب الروسي .


" الإنسان الحقيقي ليس هو الذي يفكر فيه الآخرون ، بل هو الذي يخضعون له أو يكرهونه ".

" ليست هناك مبادئ إطلاقًا ، بل هناك الإحساسات ، وكل شيء متوقف عليها ".

" إنني أتمسك باتجاه الرفض ، وذلك بحكم الإحساسات . فالرفض يبعثُ السرورَ في نفسي ، ودماغي مبنيٌ على هذا الأساس ، فذلك كل شيء ! فما الذي يجعل الكيمياء تعجبني ؟ وما الذي يجعلك تحب التفاح ؟ - ذلك أيضًا بحكم الإحساسات . فالأمر سواء . ولن يتغلغل البشر إلى أعمق من ذلك أبدًا ".

" في الحقيبة مكان فارغ وأنا أحشوه بالقش ، وكذا الأمر في حقيبة حياتنا ، نحشوها بأي شيء كان على شرط أن لا يظل فيها فراغ ".

" ليس هناك سوى حبّ الاستطلاع ، والفضول ، والرغبة في الاستقرار ، والأنانية . . ".

" من يعرف المزيد تداهمه الشيخوخة قبل الأوان ".

التعديل الأخير تم بواسطة zinova ; 10-14-2018 الساعة 11:04 PM
zinova غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس