عرض مشاركة واحدة
قديم 06-25-2023, 02:58 PM   #444
في المَنفى
 
الصورة الرمزية о n e e - ѕ α η
رقـم العضويــة: 301814
تاريخ التسجيل: Jan 2014
الجنس:
المشـــاركـات: 4,141
نقـــاط الخبـرة: 1629

افتراضي رد: ●● |نقاش الكتب الادبية || ●●

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كيلوا الذي يكتب مشاهدة المشاركة
كنت أقلّب في ملفاتي القديمة، وكان من عادتي أن أحفظ مشاركاتي التي كنت أكتبها أيام المنتديات في ملف خاص، ووقعت على مشاركة كتبتها قبل مدة طويلة، ثم نسيت أمرها، وكان موضوعها تتمةً للقصاصات التي نشرناها هنا قبل ثلاث سنوات. ورأيت أن أكمل الناقص منها وأضعها هنا بما أن النية كانت أن توضع هنا من الأساس، فذلك أرحم لها من تركها محبوسة إلى الأبد بين الملفات.

قلنا قبل ثلاث سنوات: (***)



أما اليوم فنقول:


.

كنا قد هيأنا مجلسنا وصففنا أوراقنا البيضاء وشحذنا أقلامنا الجديدة وأعددنا كوبًا من القهوة السوداء وطبقًا من المكسرات المُملحة، ثمَّ شرعنا نكتب قصةً قصيرة نُشارك بها في مسابقةٍ أدبيةٍ نظمتها وزارة الثقافة الموقّرة بإشراف وزيرها المُحترم، يساعده في ذلك لجنة صارمة من جهابذة الأدب لا يخافون في الله لومة لائم. وكنا قد اطَّلعنا على شروط المسابقة الخمسة والستين مطبوعةً في كتاب من القطع الصغير، وقلنا حينها: إننا نستوفي ربع شروط المسابقة على الأقل، فماذا ينقصنا؟ بل منذا ينازعنا في براعتنا ويناهضنا في مهارتنا ويشابهنا في أسلوبنا؟ وما اشتطَّ بنا الغرور -والحق يُقال- فحمَلَنا على أن ننفض أيدينا عن هذه المسابقة ترفعًا وتعاليًا وتكبّرًا، بل مضينا نزاحم الكتاب أمثالنا، الأمل دليلنا، والحماسة مطيّتنا، والفوز نصب أعيننا.
نظمنا حكاية عن فتى يسيح في المفاوز والقفار ويجوب الفجاج والبحار، وتمضي به الدروب الطويلة المهلكة إلى عالم أرضيّ موازٍ، فيصارع العفاريت والأشباح ويصاحب الحكماء والمجانين وينهي مشكلة الاحتباس الحراري ويكشف سر الأطباق الطائرة. والحق أننا نجهل تتمة الحكاية، إذ نمى إلى علمنا خبر هذه القصاصات الغريبة، وفتَّشنا هنا وهناك عن كاتبِ فذِّ يرد على صاحبها ردًا كافًّا كافيًا شافيًا، ونظرنا يمنةً ويسرةً وخلف الآكام وفوق الروابي فما برز أمامنا أحد، فامتشقنا أقلامنا كما يمتشق فارس الهيجاء سلاحه وأنشأنا نردُّ عليه…


القصاصة 18
أما نحن؛ فلو قيل لنا كما قيل لصاحب القصاصات لاخترنا تولستوي بأعينٍ يقظة، فإذا أغمضناها اخترنا ديستويفسكي.
وربَّ سائل يسأل: ولم تولستوي؟ ولم ديستويفسكي؟ فنجيبه: لأن تولستوي كتب البؤساء، وهذا حسبه. ولأنك ترى كلمات ديستويفسكي وجمله وأحاديثه وكل ما قاله وما لم يقله يجري على كل لسان وشفة وتحت كل يدٍ وقلم وفي كل مدرٍ ووبر.
وربَّ ثانٍ يتعجب: وماذا عن تشيخوف؟ فنقول له: لسنا ممن يفسد على تشيخوف لحظات انغماسه بكتابة قصصه القصيرة جدًا، وخاصة عندما يكتب قصة «المغفل».


القصاصة 122
ربَّما كان عليك -إذا رأيت فيما يرى النائم مرة أخرى- أن تكون أليكسي ألكسندروفتش وتُدعى تحببًا أليوشا، ثم تشرب الشاي من السماور النحاسي وتركب عربة فخمة يجرها حصانان وترتدي حلة أنيقة كحلل الارستقراطيين، ثم لهذا الأمر أو ذاك تقتل نيكولاي سرجييتش أو آنا سيمونوفنا فتغدو بطل الرواية الروسيّة رغمًا عن أنف كاتبها وأنف الكرامة الإنسانية.


القصاصة صفر
إذا كانت القصاصات لانهائيّة فالتعقيبات مثلها كذلك. فطالما قيّض الله لكاتبٍ في مكان قرب أم بعد وفي زمان طال أم قصر أن يكتب هذه القصاصات فسيقيّض الله أيضًا لمن يرد عليه بهذه التعقيبات، سواء عرفنا كاتبها أم جهلنا، اختلفنا معه أم اتفقنا، غضبنا منه أم سُعدنا، رددنا عليه أم صمتنا.
وعلى هذه السنَّة تسير الأمور وفي هذا الطريق تشقُّ الأحداث مجراها، وهذا تمام العدل ومنتهى الحكمة، فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط.

ختامًا نقول: إن كان قد قيل إن القصاصات الواردة أعلاه غير مفهومة -عند قائلها-؛ فإننا نجيبه -دون تحرج ولا تصنع-: إنها مفهومة عندنا، وما احتجنا أن نعصر الصخر ولا أن نصعد الجبل، بل وصلنا معناها جليًّا بينًا في خفةٍ كخفة ريحٍ تحمل نسائم الربيع القادم وفي رقةٍ كرقة عصفور يحطُّ من غصن إلى غصن.
ولو أنا لم نظفر بهذا الفتح العظيم وأصابنا ما أصاب صاحبكم من التحيِّر والتردد أمام معنى هذه القصاصات لكررنا مقالته لا نخشى شيئًا ولا نهاب أحدًا.
أما المعنى فنبقيه سرًا لا نُطلع عليه أيّ مخلوق، ومن رام كشف الحجاب وهتك المستور -كما فعلنا- فليس بينه وبين ذلك إلا إدامة النظر وإطالة التدبر وإعمال الفكر.
والآن بعد أن أدينا ما حمّلنا أنفسنا من واجب، فإننا نعود سالمين آمنين لنكمل حكايتنا ونشرب قهوتنا الباردة كالثلج ونأكل مكسراتنا التي لم تبق أسراب النمل منها مقدار حبَّة.


.
о n e e - ѕ α η غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس