الموضوع: نهرٌ في غابة
عرض مشاركة واحدة
قديم 04-09-2021, 04:53 PM   #12
مدققة بفريق العاشق للمانجا
 
الصورة الرمزية нaruĸo
رقـم العضويــة: 176830
تاريخ التسجيل: Dec 2012
الجنس:
المشـــاركـات: 187
نقـــاط الخبـرة: 114

افتراضي رد: نهرٌ في غابة




"الرّسمُ مهنتي"

ـــــ





أنقطع لفترات طويلة عن مشاهدة الأنمي ثم أعود مجدّدًا، وغالبًا ما تكون عودتي في الصيف، لكن هذه السنة عدتُ للأنمي قبل موعدي الاعتيادي. والحقيقة أن عودتي للأنمي كانت بسبب شعوري القوي أنني بحاجة إلى مشاهد بصرية؛ أن أُمتّع عيني بمشهدٍ بصريٍّ متحرّك؛ أن أسمع أصواتًا تتحدث في القصة، وموسيقى تليق بكل مشهد. كان شعوري القوي يقودني نحو الأنميشن الياباني تحديدًا وقصة دراميّة هادئة، لذلك بدأت بإعادة مشاهدة فيلم "همس القلب" القريب للقلب.

بينما أقلّب صور الآيباد باحثةً عن مسلسل أنمي قصير ودراميّ، رأيتُ أنني التقطتُ أكثر من صورة لصفحة أنمي "كاكوشيغوتو" وكان السبب الرئيسي لنيّتي في مشاهدته هو الملصق الذي يعطي انطباعًا عن مسلسلٍ هادئٍ ودراميّ. اتّخذتُ هذه إشارات مثالية لمشاهدة الأنمي. لم أقرأ عن قصته شيئًا قبل مشاهدته، بل تركت الملصق يحكي لي.
تدور قصة المسلسل حول أبٍّ وحيد يُخفي حقيقة عمله كمانغاكا عن ابنته ذات العشر السنوات، ومن هنا تتوضّح ازدواجية حياة كاكوشي غوتو كأبٍ في حياته الخاصة وكمانغاكا في حياته المهنيّة. ما أعجبني في الأنمي هو فكرته المتمحورة حول الفن وصناعته وما يصاحبهم من فتورٍ فنيٍ ونقصٍ في الإلهام، وماذا يعني أن يكون المرء رسّامًا يكسب لقمة عيشه من الرسم والفن وإظهار كواليس وطبقات حيوات مؤلفي المانغا التي لا تختلف كثيرًا عن أي شخصٍ عادي، فيثقل عاتقهم إمتاع الجمهور وإرضاء المحررين/الناشرين، والتساليم النهائية أسبوعيةً كانت أم شهرية. كون المرء موهوبًا لا يعني أن طريقه سهلٌ يسير. والمضحك في كل هذا هو الهروب المؤقت من الواقع أيام تساليم فصل المانغا وهو حقيقةً ما وجدت الكثير من نفسي فيه. متعةُ العمل تكمن في الدقيقة الأخيرة!


(المشهد كاملًا هنا :-) )

حتى المشاعر التي يمرُّ بها الفنان لا تختلف كثيرًا عن مشاعر إنسانٍ عاديٍّ. فنرى من خلال المسلسل قلة الثقة الذاتية والتشكيك الفنّي اللذان يمرُّ بهما كاكوشي غوتو واقتناعه التام أن مانغته الفكاهية لا تُضحك الجمهور وأن الجميع في حفل التوقيع يجاملونه لا غير. ودُهِشت أن فنانين كأمثال مؤلفي المانغا يمرون بمثل هذه المشاعر. لأنني غالبًا أرى المحترفين كمحترفين، لا كأناس، لذلك أنذهل عندما يتكشّف لي الجانب الآخر منهم ومن حيواتهم، وأدرك حينها أنهم لا يختلفون عنّي وعن أيِّ إنسانٍ عادي..



أمرٌ آخر مُتعلّقٌ بالرسم، هو أنه مهما كان الرسامين محترفين إلا أنهم في كثير من الأحيان يحتاجون لمصادر للرسم منها، وهو -شخصيًا- أمرٌ طالما خفتُ منه اعتقادًا منّي أن على الرسّام الحقيقي رسم كل شيء من مخيلته (رغم أن رسماتي كلها من الواقع). من المرضي معرفة أنه حتى الفنانين المحترفين يمرون بمثل ما أمرُّ به، مما يشعرني أنني لستُ وحدي في معضلتي.

حقيقةً، بغض النظر عن بعض الشخصيات التي لم أرَ لها داعٍ، أحببتُ الأنمي والأفكار التي تناولها (ليس فقط فكرة الفن والرسم رغم أنهما الأمرين الوحيدَين الذَين ذكرته في الفقرات السابقة)، وأحببتُ أنني وجدتُ نفسي فيه. تعجبني الأعمال التي أرى فيها انعكاسًا لذاتي سواءً في الأنمي أم في الأدب أم في الأفلام. وربما هذا محاولة للوصول إلى ذاتي..

بعدما انتهيتُ من مشاهدة الأنمي، تبادر في ذهني تساؤُلٌ: لماذا لا أتّخِذُ الرسم مهنة؟ طالما هربت من هذه الفكرة واكتفيتُ به كهواية عزيزة، لأنني أخشى إذ اتّخذته مهنة سينتهي بي المطاف بالنفور منه وهذا آخر ما أتمنّاه. لكن ألن يكون من الأجدر أن أضعه في عين الاعتبار كمهنة؟ سيكون هذا تدريبًا جيّدًا لي أنا أيضًا لأنني فقط بذلك سأرسم أكثر وسأصقل مهارتي بدل التكاسل. خطوةٌ كهذه ستحتاج الكثير من الشجاعة..
مشكلتي في الرسم أنني لا أرسم، وإذا رسمت لا تأخذ مني الرسمة أكثر من عشر دقائق لأن صبري صبر طفلٍ مدلّل. وضعتُ قبل شهرين جدولًا للرسم يوميًا ولم تدُم أكثر من عشر أيام حتى بدأت أتوانى.
عندما أفكر في الأمر، أنا لا أعرف لماذا أرسم، ولا ماذا أريد من الرسم وأين أريد الوصول به، كل ما أعرفه أنني أريد التطوير من رسمي...










нaruĸo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس