عرض مشاركة واحدة
قديم 01-15-2022, 12:04 AM   #427
مدققة بفريق العاشق للمانجا
 
الصورة الرمزية нaruĸo
رقـم العضويــة: 176830
تاريخ التسجيل: Dec 2012
الجنس:
المشـــاركـات: 187
نقـــاط الخبـرة: 114

افتراضي رد: ●● |نقاش الكتب الادبية || ●●








عبدالرحمن منيف من الروائيين الذين لن أقرأ لهم لعلمي بما تحمل رواياته من آلام.
هكذا عبّرت صديقةٌ لي عندما مررنا بجانب كتب منيف في معرض الكتاب.

تقول الصديقة “يكفي ما في الحياة من كبد وعناء، فلماذا أحمّل نفسي بقراءة ما يزيد الحياة كبدًا ومشقّةً.” وهكذا، كنتُ عند رأي صديقتي إذ امتنعتُ طويلًا عن قراءة ما يسبب الألم والأسى، والقهر والغيظ، فأقرأ عاجزةً عن فعل شيءٍ لإصلاح هذا العالم.
لكني منذ فترةٍ وجيزة، شعرتُ بغيظٍ عظيمٍ لا يُحكى ولا يُعبّرُ عنه، وكان الأدب موجودًا من زاوية غرفتي، ألتجئ إليه -كلما ضاقت بي السبل أو لم تضق- وبالتحديد رواية منيف “شرق المتوسط” التي نامت على رفوفي سنوات طويلة، فأوقظها اليوم، علّها تنفّس عن غيظي، فأجدُ فيها ملتجأً ومواساةً.


من قرأ الرواية أو سمع عنها، يعرف تمامًا أنها تندرج تحت أدب السجون. بطل الرواية، رجب، سجينٌ سياسي قاسى ما قاسى بسبب أنظمة القمع في سراديب مظلمة وجلادين جُرِّدَت منهم كل رحمة أو شفقة.

يقول منيف في مقدمة الرواية أنه التجأ إلى الكلمة الرواية كهدنة ردًا على النظام القمعي بدل أن يكون ردًا عمليًا مباشرًا. ولاحقًا في الرواية، نرى رجب يلتجئ إلى الكلمة كسلاح أخير وضعيفٍ.
سلاحٌ لمن لا يملكون في أيديهم شيئًا. لكن بسبب الكلمة سُجِن رجب، وسُجن معه عشرات العشرات. “ومن أجل الكلمة قتلوه” قتلوا “أمين بائع الجرائد [الذي] يبيع الكلمات… كلمات البُشرى

وهنا أتذكر ما كتبه المفكر عبدالرحمن الشرقاوي عن الكلمة على لسان سيدنا الحسين بن علي عندما رفض مبايعة يزيد، إذ قيل له “نحن لا نطلب إلا كلمة، فلتقل ‘بايعت' واذهب بسلام لجموع الفقراء. فلتقلها وانصرف يا ابن رسول الله حقنًا للدماء. فلتقلها ما أيسرها، إن هي إلا كلمة” فرد قائلًا: "كبرت الكلمة. وهل البيعة إلا كلمة. ما دين المرء سوى كلمة. ما شرف الرجل سوى كلمة. ما شرف الله سوى كلمة. أتعرف ما معنى الكلمة؟ مفتاح الجنة فى كلمة. دخول النار على كلمة. وقضاء الله هو كلمة. الكلمة نور...”



يتردد رجب كثيرًا حول الكلمة فتارةً ينصره وتنصره، وتارة أخرى يخذلها وتخذله حتى ليتساءل “ما فائدة الكلمة؟ مَن سيقرأها؟ وحتى لو قُرِئت فما تأثيرها؟” لو لم تكن للكلمة قوة وتأثيرًا لما أرعبتهم وهزّتهم، ولما بنوا لأجلها السجون والزنازين التي تَنقَّل وعُذِّب فيها رجب وأصحابه. والكثير من أمثال رجب.




التعديل الأخير تم بواسطة нaruĸo ; 01-15-2022 الساعة 12:08 AM
нaruĸo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس