عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 09-24-2010, 03:59 PM
الصورة الرمزية نسيم الورد  
رقـم العضويــة: 65066
تاريخ التسجيل: Sep 2010
الجنس:
العـــــــــــمــر: 32
المشـــاركـات: 1
نقـــاط الخبـرة: 10
افتراضي لمن تصفو الحياة ؟ !

لمـــن تصفـو الحـيـاة ؟
كثيرون يسألون أنفسهم هذا السؤال , وكثيرون يعجزون عن الإجابة عنه ؛ لأنها تختلف باختلاف تحديدهم لمفهوم السعادة والراحة , الأمر الذي أصبح الاتفاق على تحديده رابع المستحيلات , إن كانت لاتزال ثلاثة .
قال قوم : إن السعادة الصحة ,
وقال آخرون : إنها الإيمان ,
وقال غيرهم إنها في الطمأنينة .
وهناك من يراها في الغنى . وأصحاب هذا الفهم نراهم يذهبون لحظات السعادة الحقة في دنياهم , بحثا وراء ما يسمونه – وهمًا – " بالسعادة " .خلاف كبير, قد تمضي أعمار وأجيال , والناس لم يلتقوا على تحديد لمفهومه , وقديما قال احد الشعراء فيما نعتبره محاولة فردية , للإجابة عن هذا التساؤل !
تصفو
الحياة ُ لجـاهـلٍ أو غـــافــلٍ عمّـا مضى منهـــا , وما يُتـوقــعُ
ولمن يُغالط ُ في الحقائق ِ نفسـه ويَسُومُها طلبَ المُحال ِ , فتطمـعُ
ولكن هل صحيح أن صفاء
الحياة مقصور على الجهلة , والغافلين , والمخادعين ؟
أنا اشك كثيرا في هذا القول , واحسب أن قائله كان واقعا تحت تأثير مانسميه بخيبة الأمل .
وإذا كنا لم نصل بعد إلى تحديد لمفهوم السعادة . فلنتساءل عن التأثير الواقع لفقدانها , وكيف يعبر الناس عن شعورهم بها , ولهفتهم علــــيــهـــا ؟
قال احد الشعراء قديما أن الشكوى هي التعبير الصادق عن عدم الرضا بالواقـــع ,
والقناعة به . ودفعه رأيه إلى ما لا ينتهي من الغرابة والدهشة , لكثرة ما شاهد من شكوى الناس , وتذمرهم من واقعهم , حتى لقد حمله ما رآه إلى تساؤله الذي لا يخلو من طرافة :
كُـلُّ من لاقيتُ يشكو دهـــــــرهُ لـيـتَ شعري : هذه الدُنيا لمــــن ؟
وهذا - في رأي - هو الأخر, احد ضحايا التشاؤم , وخيبة الأمل , وإلا فقد قرانا من أقوال الجانب الأخر- الأكثر تفاؤلا- ما يمكن أن نعتبره اقرب إلى الحقيقة من سابقه , إذ قالو: من لوازم
الحياة , التي لا تنتهي مطالبها عند حد , بالقدر الذي تتمكن به من التعبير عن آمالك ومطامحك ؛ يكون نصيبك من اهتمام الناس وتقديرهم .. وأمعنوا في تفاؤلهم , فقالوا : إن صراخ الوليد ساعة وجوده , وبعدها إنما هو إثبات لوجوده , وجزء من مطالبته بحقه منها . وهذا التعبير فيه من الواقعية, بقدر ما فيه من الطرافة .
وكتاب الله وسنة نبينا , عليه أفضل الصلاة والسلام , يحكيان لنا كلا النهجين في قوله تعالى : "لقد خلقنا الإنسان في كبد" وقوله: "كلآ إن الإنسان ليطغى أن رءاه استغنى"
وقول نبينا عليه السلام : (( لوأعطي ابن ادم واديين من ذهب , لابتغى لهما ثالثا ,
ولا يملأ فم ابن ادم إلا التراب )) .
فالمتاعب واقعة ؛ لأنها توجد مع الإنسان , تهادنه حينا . لكنها لا تفارقه . ولربما اعتبرها بعض المكافحين إحدى وسائل اللذة ؛ فالمكافح قد يتطرق السأم إلى قلبه ونفسه, لوطال به الأمد , فلم يلتق بما يضاعف عزيمته , ويقوي إقدامه , من العقبات والمتاعب؛ لأنها لمواهبه الدفاعية كالشحذ للمطواة (سكين صغير ذو نصل تطوى في النصاب) يقوي من مضائها وفتكها , وكلما اجتاز عقبة , زاده تقلبه قوة على كفاحه المرتقب , حتى يصبح الجهاد والكفاح من مقوماته ومتطلباته , لينتهي به المطاف
إلى درجة الإقدام والتضحية - تماما- كما يقول الشاعر:
إذا اعتاد الفتى خوض المـــــنـايــا فأيسر ما يمر به الوحـــــــول
لكني أرى أن السعادة الحقة , في الإيمان المطلق بالله , والتسليم بعظيم قدرته ,
وشمول إحاطته وعلمه , وأن ما شاء كان , ومالم يشأ لم يكن , وان الأمة لو اجتمعت
على نفع , أو ضر, لم تقدر على بذل الأول , أو دفع الثاني ؛
إلا بأمــــــر الله وتــــقـــديـــــــره
رد مع اقتباس