عرض مشاركة واحدة
قديم 04-09-2020, 12:28 PM   #353
موعدنا بعد ألف عام
 
الصورة الرمزية كيلوا الذي يكتب
رقـم العضويــة: 477232
تاريخ التسجيل: Feb 2018
العـــــــــــمــر: 30
الجنس:
المشـــاركـات: 139
نقـــاط الخبـرة: 41

افتراضي رد: ●● |نقاش الكتب الادبية || ●●

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ذ¾ n e e - ر• خ± خ· مشاهدة المشاركة

مرحباً.
لقد كانت الأزمةُ عندي ابتداءً نقاهةً روحيّة، ومتّسعاً للتأمل والتفكير وإعادة النظر.
وثانياً هي نقاهةٌ ثقَافية، نستدعي فيها الكُتب الضخمة، وتلك المؤجّلة، والثالثة المُندسّة بين الرفوف.
على أنّ الأزمة لم تُضِف إلى وقتي فراغاً ذا أهمية؛ فالمُحاضراتُ والدروس والإختبارات لا تزال قائمة، والأساتذةُ والدكاترةُ يُرهقوننا بالأعباءِ والتكاليف، وحجّة ذلك أن حالنا في هذه الأزمة -كما يَظنّون- (لا شغل ولا مشغلة)!
إلا أن هُناك مخرجاً نفِرّ إليه، وهو الهروب من ثرثرة المُحاضرات ومتاعبها -بخفية ودون لفت الأنظار والأسماع- إلى مُتعة القراءة وبَهجتها.
(إنها صورة جديرةٌ بأن تُرسمَ في لوحة )
أولُ الرفقاءِ في رحلةِ الهروب هذهِ هو «هروبي إلى الحريّة» لعلي عزت بيجوفيتش، نعم هُما هروبان اثنان، لكنهما مُختلفان في التركيب والأهداف.
ولا أستطيع أن أصفَ الكتاب إلا بِكلمات مؤلفه، فهو يقول في إحدى خواطِره: «لاحظتُ أثناء قراءتي لهيرمان هيسه أنه كان مُستغرقاً في الأفكار ذاتها التي كانت تُشغلني، عدا أنه كان أفضل مني في التعبير عنها»،
وكذا الحال معي أثناء قراءةِ الكتاب.

رفيقي الآخر (أو رُفقائي إن شئت!) هو «النّمل» لبرنار فيربير، رواية مُمتعة وذكيّة وآسرة، فيها كشفٌ واستجلاءٌ لعالم النمل وولوجٌ إلى أسراره وخفاياه وعجائبِه، ومُحاولة لإزاحة الغموض عن لغة النمل وأساليبه في التخاطب وسُبله في العيش وطرقه في الدفاع عن مَملكته.

في هذهِ العزلة، قرأتُ كما لم أقرأ من قبل (كمّاً وكيفاً)، وابتدأتُ في تدوين الأفكار والخواطر والمقالات العالقة في الذهن منذ أمد، فلقد سال القلم وتفتّح الذهن وأنبتَ الفكر.
كانت بِحقٍ عُزلة معرفيّة مُثمرة، ولا عزاء لأيام قاعات الدراسة الكئيبة وصباحات الحضور الإجباري.



أهلًا وسهلًا

"لا شغل ولا مشغلة" هو شعار المشرفين والأساتذة والمسؤولين هذه الأيام، ورغم أنهم لا ينطقونه كلامًا، فإنهم يقولونه أفعالًا، وكنت أن رأيتُ الخوف يتمثل في أعين مشرفينا في العمل عندما علموا أننا سنشتغل من المنازل بيد أنه ليس خوفا من الوباء، ولكن من احتمال أننا سنستهتر ونقضي الوقت عبثًا ولهوًا، فإذا هم يجيّشون الوسائل من Skype، وwhatsapp، حتى لا ننقطع عنهم -أو لا ينقطعوا عنا-، وإذا مهامَّ جديدة، الله يعلم من أين خرجت وجاءتنا ونحن آمنون في بيوتنا.

وفي الحق إني لا ألومهم، وأشكر لهم حرصهم هذا غير أن ما يغيظني منهم أنهم يبالغون مبالغة ربما استطالت لأن تدعى سخافة، وأخال أننا –جميعا- في الامتحان الذي يكرم المرء عنده أو يهان، فمن كان من عوائد روحه بُعد الهمّة والإخلاص، كان أنهض للعمل وأدوم عليه أينما كان، والآن سيمتاز المجتهد من المتخاذل أكثر من ذي قبل.


وغني عن البيان أن ذلك ينطبق على أوقات الفراغ بعيدا عن الوظيفة أو الدراسة، ولقد جاء هذا الوباء حاملا في يده شيئا غير الألم والموت، هو وقت الإنسان لنفسه، وعرفتْ نفوس الناس من الوقت كثيرا دون أن تنال منه حظا، فكيف هي الآن والوقت أكثره فراغ، والمشاغل أعظمها أن تقعد وتلزم دارك؟

،

وإن كان الناس لا يستطيعون منع نفوسهم أن تستغلقها العزلة، فإن القارئ الآن يحمد لنفسه اتخاذها الكتب رفقة، وإنني من لهفي أجيز لنفسي قولها: إنك في فرصة من فرص العمر فأنجز كأن لن تجد سانحةً بعد زوال الوباء.

وكان مما فعلت أنني راجعت كثيرا مما قرأت ودونت منه الأفكار –والذي هو عندي أهم من قراءة كتب جديدة-، ووجدت عندي القوة لأواصل بعض الخطط القديمة منها خلط نفسي بالأدب العربي، والسياحة في الوطن العربي من خلاله -وإني الآن في لبنان-، وما يزال الوقت يسمح بالاسترواح في محطات الأدب العالمي، وما يزال النهار ممتدا للكتابة، وما تزال في العمر فسحة للعمل.
.
.
.

التعديل الأخير تم بواسطة كيلوا الذي يكتب ; 04-09-2020 الساعة 12:36 PM
كيلوا الذي يكتب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس