المقطوعۃ الموسيقيۃ ربما تڪون دقيقۃ أو أڪثر لا يهم، فهي خُلقت لتستمع إليها وتحلّق

وتسرح معها في خيالڪ إلى عالم آخر، ولتلامس مشاعرڪ الداخليۃ العميقۃ، وهي

ڪانت وسيلۃ لتحرر الإنسان من القيود الوجوديۃ. والموسيقى هي أحد أهم فروع

الفلسفۃ منذ زمن طويل…





ڪانت الموسيقى عند الإغريق علماً فلسفياً ذات أهميۃ ڪبيرۃ، حيث وضعوا القواعد والأسس

الموسيقيۃ ضمن علم رياضي ومنطقي واقعي، فمن فيثاغورس الذي يعتبر أول من قادها

ووضع قواعدها، واعتبر أن جمال الموسيقى يڪمن في النسب والعلاقات الرياضيۃ والانسجام

الدقيق بين حرڪۃ الڪواڪب، إلى أفلاطون الذي تبنّى الفيثاغوريۃ ودرس بها وأعطاها أهميۃ

ڪبيرۃ، وڪانت آراءه الأخلاقيۃ تنص بأن الموسيقى هي لخدمۃ الرب، وأن الموسيقى يجب

أن تڪون ملتزمۃ بالألحان اللاهوتيۃ، لا أن تُعبّر عن حالۃ الموسيقي وإحساسـہ وشعوره

الداخلي، وڪانت الأولويۃ عنده للعقل والفڪر أما الجانب المحسوس فلا وجود لـہ في فلسفتـہ.

لڪن هل الموسيقى فقط علم دقيق رياضي يقوم على أخلاقيات وقواعد منطقيۃ بعيدۃ

عن المشاعر الداخليۃ للموسيقي؟!



دعونا ننتقل إلى “الحرڪۃ الرومنسيۃ” في أواخر القرن الثامن عشر، والتي تُعدّ ثورۃ على

جميع القيود والأصول والتقاليد الفنيۃ، للخروج من سيطرۃ الآداب الإغريقيۃ المفروضۃ على

الإنسان لتڪون بدايۃ لانطلاق الفنان نحو الوجدان والخيال والجذور العاطفيۃ ليعبّر عن

عواطفـہ ومشاعره ضمن إطاره الفني، وهذه الثورۃ أدت إلى فتح أبواب ڪثيرۃ، وأدت إلى

ظهور حرڪات عديدۃ ڪالحرڪۃ “البوهيميۃ” على سبيل المثال، وحرڪات أخرى ڪان

لها تأثير على المجتمع، ليبدأ الإبداع وانطلاق الموسيقي ليلامس مشاعره الداخليۃ وليعبر

عنها بڪامل الحريۃ، وڪان “جان جاڪ روسو” و”فڪتور هوجو” من أهم رواد هذه الحرڪۃ.





“شوبنهاور و نيتشـہ” أرتور شوبنهاور الفيلسوف الألماني والملهم الموسيقي الڪبير الذي أثر

بفڪره وفلسفتـہ على الڪثير من الفلاسفۃ والموسيقيين، وفلسفتـہ التي ڪانت الرڪيزۃ

التي انطلق منها الفيلسوف والموسيقي الألماني “نيتشـہ” الفيلسوف المهووس بالموسيقى

والذي عانى من الخيبات والإحباط في حياتـہ ڪمؤلف موسيقي، ليتخلَ بعدها عن الموسيقى

ويدخل ميدان الفلسفۃ حيث هناڪ وجد ذاتـہ، وڪان نيتشـہ يعتبر أن ڪل مسيرتـہ الفلسفيۃ

والفڪريۃ وڪل ما ألّفـہ من ڪتب هو شڪل من أشڪال الموسيقى الجديدۃ المختلفۃ،

والتي هي في الواقع قد ألهمت الڪثير والڪثير من الموسيقيين في العالم حتى وقتنا هذا.

يمڪن اعتبار أن الفلسفۃ وفڪر ڪل من شوبنهاور ونيتشـہ وفرويد عالم النفس المعجب

بشوبنهاور، قد ڪان لها التأثير الحقيقي الذي أدى لنشوء العديد من الأنماط الموسيقيۃ تقنياً

وفڪرياً، والتي أدت إلى أن يصبح الموسيقي فيلسوف يعبّر عن أفڪاره ويبدع بابتڪار أساليب

موسيقيۃ مختلفۃ.





لنذهب قليلاً إلى مڪان آخر، إلى العالم العربي، حيث الفارابي والڪندي وابن سينا والڪثير

من الفلاسفۃ والعلماء العرب والمسلمين الذين ڪان لهم الفضل الڪبير في وضع القواعد

والأسس والنظريات للموسيقى العربيۃ والتي ڪانت هي أيضاً ضمن الأصول والأخلاق، فقد

جسّدت الفلسفۃ الإغريقيۃ، ودرست الموسيقى من منظور علمي ومنطقي وطبي أيضاً،

وڪان الڪندي أول من وضع قواعد الموسيقيۃ العربيۃ، والفارابي ڪان فيلسوف وعبقري

موسيقي وعازف، وضع الڪثير من الأسس والنظريات من خلال ڪتابـہ “ڪتاب الموسيقى

الڪبير”. اعتقد في هذا المڪان أن الصوفيۃ ڪفلسفۃ روحانيۃ قد ڪان لها دور ڪبير في

تغيير المفهوم العلمي للموسيقى، وإثراء الموسيقى العربيۃ بالجانب الروحي، فقد ذهبت

بالموسيقى العربيۃ إلى مڪان آخر …

مڪان يحتوي على مشاعر أڪثر، مڪان يحتوي على صفاء الروح والتأمل بالذات الداخليۃ

فالمقامات والألحان لم تڪن محدودۃ ضمن قواعد موسيقيۃ سابقۃ، لينطلق الموسيقي

العربي إلى أماڪن أوسع وأڪثر عاطفيۃ، ولتڪون مصدر إلهام للڪثير من الموسيقيين

في العالم وليس فقط في العالم العربي، الذين هم بالتالي قد جسدوا تصوفهم أو تأثرهم

بالفڪر الصوفي ضمن مقطوعاتهم الموسيقيۃ والتي استمرت بالتطور والتنوع إلى وقتنا

هذا.






“شمس الدين التبريزي وجلال الدين الرومي” من أهم الفلاسفۃ والشعراء والمفڪرين

المتصوفين، ڪان شمس الدين التبريزي الأستاذ الذي تتلمذ على يديـہ جلال الدين الرومي،

وقد شجعوا من خلال فڪرهم وشعرهم إلى الإصغاء إلى الموسيقى، وڪانت تعاليمهم تنص

على أن الموسيقى والتنصت للموسيقى هي رحلۃ روحيۃ، تأخذ الإنسان في رحلۃ تصاعديۃ

من خلال المحبۃ والتسامح والشغف للوصول إلى الڪمال والصفاء الروحي، وبعدها فإن العودۃ

إلى الواقع تڪون مختلفۃ، حيث تڪون نفس الإنسان أڪثر تسامحاً ومحبۃ.

لم تڪن الحرڪۃ الرومنسيۃ بعيدۃ عن العالم العربي، وقد ظهرت من بلاد الشام “سوريا”

ثم في باقي بلدان العالم العربي، وأدى ذلڪ لظهور العديد من الفلاسفۃ والأدباء مثل:

“جبران خليل جبران، ميخائيل نعيمۃ، إيليا أبو ماضي، خليل مطران“، وقد ڪان لهم دور في

تغيير الاتجاه الفلسفي الذي بدوره قد أدى لظهور العديد من الموسيقيين والشعراء المتأثرين

بفڪرهم ڪمصدر إلهام لفنهم المتحرر.



# “ الموسيقى لا تتحدث عن الأشياء، أنها تتحدث بڪل بساطۃ عن المتعۃ وعن العذاب

“ اللذان هما الحقيقتان الوحيدتان للارادۃ ” لهذا هي تتوجـہ مباشرۃ إلى القلب ولا علاقۃ

لها بالعقل ” – شوبنهاور

# “ أولئڪ الذين نراهم يرقصون يظنهم من لا يستطيع سماع الموسيقى مجانين ” – نيتشـہ

# “ توجد هندسۃ في دندنۃ الأوتار، ڪما توجد موسيقى في فراغات الأشڪال الڪرويۃ”

– فيثاغورث

# “ ڪمال اقتران اللحن هو مثل ڪمال اقتران لوني الياقوت والذهب ” – الفارابي

# “ لا أظن أن اللـہ (عز وجل) منحنا الموسيقى – لا الموسيقى التي نصنعها بأصواتنا وآلاتنا

فحسب، بل الموسيقى التي تغلف ڪل أشڪال الحياۃ، ثم حرّم علينا أن نسمعها. ألا يرون

أن الطبيعۃ برمتها تغني؟ فڪل شيء في هذا الڪون يتحرّڪ بإيقاع: خفقات القلب، ورفرفۃ

أجنحۃ الطير، هبوب الريح في ليلۃ عاصفۃ وطرقات الحداد وهو يطرق الحديد، أو الاصوات التي

تغلف الجنين داخل الرحم.. ڪل شيء يشارڪ في انبعاثها، بحماسۃ وتلقائيۃ، في نغم واحد

رائع. وما رقصۃ الدراويش إلا حلقۃ في تلڪ السلسلۃ الدائمۃ. وڪما يحمل ماء البحر في

داخلـہ المحيط برمتـہ، فإن رقصتنا تعڪس أسرار الڪون وتغلفها ” – شمس الدين التيريزي




أشكر الله أولاً على أعانته وتوفيقه لي بـ طرح هذآ الموضوع

وأشكر أخوتي المبدعين أعضاء (( جمعيه العاشق الحرة )) على جهودهم المبذوله

في السسعى والرقي بالتقدم من أجل أزدهار المنتدى

قام بطرح الموضوع ⋘ حلم القمر

وأشكر المصمم المتألقــ ⋘A B D U L L A H

وأشكر الأخت المبدعه ليه حلم على التنسيق الرائع

أسستودعكم الله الذي لا تضيع ودآئعه

بئر المۋضۋع

كل الشكر للمبدعة Ochako Uraraka