عرض مشاركة واحدة
قديم 09-12-2015, 08:50 PM   #91
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية النجم يوسف
رقـم العضويــة: 95706
تاريخ التسجيل: Jul 2011
الجنس:
المشـــاركـات: 21,870
نقـــاط الخبـرة: 3790

افتراضي رد: قاعـۃ القراءة الصامٺـۃ •◦

خريف البطريارك للمؤلف غابريال غرسيا مركيز



( الرواية ) - كما لا يخفى عليكم، تحتوي على وقائع تاريخية حقيقية، لكن ( ماركيز ) صاغها بأسلوبه الفريد من نوعه، و تصرف بها، أسلوب ( الواقعية الأسطورية ).


مُقتطفـــــآت :

صفحة 12

"دفعنا مصراعي بابٍ جانبي فانتفتحا على مكتبٍ سري، و هناك رأيناه هو، ببدلة من الكتان منزوعة النياشين، و منتعلًا جزمته ذات المهماز الذهبي على كاحل ساقه اليسرى. بدا و كأنه أكبر المخلوقات المعمرة، في اليابسة و الماء، سنًا. كان ممددًا على بلاط أرض ذلك المكتب متوسدًا ذراعه، تمامًا كما كان ينام كل ليلة من ليالي عمره المديد، كطاغية أوحد. قلبنا الجثة و تفرسنا في الوجه، فأدركنا استحالة التعرف إلى سحنته. على الرغم من أنّ النسور لم تكن قد نقرت وجهه و عينيه بعد، ذلك أنّه لم يسبق لأحد منا أن رآه من قبل. و لئن كانت صورته قد رسمت جانبيًا على وجهي العملة، و على الطوابع البريدية، و شهادات الحجر الصحي، و الأحزمة الواقية من الفتاق. و كان تمثاله النصفي الذي يتقاطع على صدره العلم الوطني و التنين الذي اتخذ رمزًا للوطن، معروضًا في كل مكان و على امتداد ساعات النهار و الليل، فإننا كنا متيقنين من أن الصورة و التمثال ليسا سوى نسخ طبق الأصل عن سحنته كما كانت في زمن النجم المذنب عندما كان آباؤنا يعرفون حقيقته نقلًا عن آبائهم الذين نقلوا بدورهم عن آبائهم، فاعتقدنا منذ ذلك الحين أنّه كائن حي في قصر السلطة، و بنينا اعتقادنا على ما نقل إلينا بالتواتر...."

صفحة 230

" طاف البيت كله، فقاربت الساعة الحادية عشرة، حمل مصباحه اليدوي و أطفأ المصابيح واحدًا واحدًا حتى صالة المرايا و هناك رأى نفسه على التوالي : جنرالًا، فجنرالين اثنين، فثلاثة، فـ... فأربعة عشر جنرالًا و كلهم يحملون مصباحًا يدويًا..."

" ... نسي اسمها.. عرفها في عصر آخر!! لعق لحسة عسل، أعاد العسل إلى مخبئه، فعثر على ورقة كتب عليها ميلاد الشاعر المبدع "روبن داريو" أسكنه الله أعلى مراتب فردوسه المقدس.."



ص 231

" .. و في الطريق رأى موكب النور في المدينة التي خسرت بحرها.. بيد أنّه شعر بدفء رطوبة بحرية لم يفهم كنهها.. إنها رطوبة بحر المدينة الذي عاد.. حدق فيه ثلاثًا وعشرين مرة دون انقطاع، فأحس كالمعتاد بخوف من ذلك البحر المحيط الذي لا قرار له، كأنه هذا الشعب الغافي و يده إلى جهة القلب.. و عرف لتوه أنه مكروه حتى من محبيه.. و أنهم يقرؤون اسمه على رؤوس الحوامل لتسهيل الولادة، و في آذان الذين يحتضرون للتحكم في مصائرهم و كان ممجدًا خصوصًا من أولئك الذين يشتمون أمه حين تعبر سيارة الليموزين التي تسير في نومها.. فيلثمون جزمته و يضرعون إلى الله أن يبقيه حيًا ليشاهدوا دائمًا من شرفات منازلهم أنواره التائهة خلف نوافذ البيت الرئاسي الذي خمدت فيه الحياة..

( ما من أحد يحبنا )- قالها بعد أن مد رأسه من باب الغرفة السابقة لمربية الطيور ( بندسيون آلفارادو ) ثم تابع موتًا هانئًا أماه..)."

التعديل الأخير تم بواسطة النجم يوسف ; 09-12-2015 الساعة 08:53 PM
النجم يوسف غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس