عرض مشاركة واحدة
قديم 01-06-2014, 12:22 AM   #313
Old One
 
الصورة الرمزية New-1
رقـم العضويــة: 85832
تاريخ التسجيل: Feb 2011
العـــــــــــمــر: 36
الجنس:
المشـــاركـات: 1,992
نقـــاط الخبـرة: 757
MSN : إرسال رسالة عبر MSN إلى New-1
Skype :
Gmail : Gmail
Facebook : Facebook
Twitter : Twitter
Google Plus : Google Plus
Youtube : Youtube
Blogger : Blogger
Wordpress : Wordpress

افتراضي رد: إصطباحيات " جديد واحد "

عندما أستقر ساير في منتصف الطريق ، ووسط الناس … بلا حراك أو حديث .. فإنه بهذا شد أنظار الناس إليه .. مات واقفاً ، أم رجلٌ متأمِل ؟

ساير ، عاش وقضى ليالي عديدة .. مابين فصول السنة في حاضر حاله ، وفصولٌ مضت من عُمره وهو يسعى لتحقيق بعض الأمنيات التي أستبسطها الناس على نفسِهم ، وكانت أصعب عليه .

حينما أدرك ساير لأول مرة ، بأن الحياة تكتمل بوجود أماني وأهداف إن وضعها لنفسه ، فإنه سيكون من أسعد الناس حين يحققها .. وبعشوائية ، فإن ساير قرر وضع النقاط على أحرفه الخاصة دون أي مراعاة لظرفٍ يعيش فيه أو سيعيشه مستقبلاً ، وبينما تفاوتت تلك الأماني من كبيرٍ إلى صغير فإن أسمى الأماني التي خطط لها في نفسه كانت هي الأصعب عليه ..

مرّت أيام ساير في مراحلها الأولى والتي قضى معظمها بين أرجاء القرية التي يسكنها ، لطالما تعود ساير أن يخالط الناس ، ولانها قرية صغيرة .. فإنه على الأغلب كان يعرف الكثير من الناس ، وخصوصاً منهم العم مفيد وكذلك جارهم جابر والذي كان ساير يلتقيه دائماً وهو بصحبة ابنته حلم التي لطالما أنجذب لها ساير .

لم يكن من الصعب على ساير بأن يتفوق في معظم أمور حياته ، في تلك المراحل كلها لم يكن ساير لينسى الأماني والأهداف التي ارادها لنفسه ، مابعد تكوين الحياة بشكل جزئي .. كان عليه أن يبدأ فعلاً في أولى خطواته ليرى كيف سيحقق حلمه وتلك الأهداف .. أستعرض تلك الأهداف مرة أخرى فوجد بأن مُعظمها متاحٌ له وهو في هذه المرحلة ، فهو الآن بمقدوره أن يتملك سيارته المفضلة المواكبة لجيله الجديد ، وليست تلك التي دونها قديماً ، وبات بإمكانه أيضاً أن يكون صاحب رأي ومشورة في منزله وخصوصاً مع والده .. ساير في هذه اللحظة من أسعد الناس .. كون أهدافه ممكنة ، هو لم يصل بعد إلى بعض الأهداف التي قد دونها مسبقاً ، مازال في أول السطور .

أغلق ساير على نفسه تلك التدوينات والتفكير بالمواضيع ليهُم بالعودة إلى منزله والذي يتكون من والديه وابنهم الوحيد ساير .. في تلك الليلة عندما دخل منزله لم تكن الترتيبات كما عهدها من قبل .. والده يتابع التلفاز ، ووالدته ترتب المنزل . أقترب من والده والذي كان يجلس مهموماً مع والدته وبدأ بالسؤال عن أحوالهما ، لم يكن ساير متقبلاً لمظهر والديه ، ولأنه يفهمهم ولطالما أهتم بأن يراهم بالمظهر البشوش .. بادرهم بالسؤال ، هل هُناك مايزعجكما ؟ أو ماحصل لكم ؟ كان والده يدرك حينها بأن ساير إن علِم عما يزعجهما فإنه سيكون أكثر إنزعاجاً منه كون الأمر يلامس ماضيه .. والذي احبه ساير لنفسه .. ولم يكن أمام والده خيار إلا أن يخبره عن الحال .

فقال له ، يابني مثلما الحياة تسير ، فأن احوال الناس تسير ، ومثلما سُيرت حياتك وحياتنا بشكل أحببناه ، فإن هناك أناس ايضاً سيرت حياتهم بأشكال أخرى ، العم مفيد والذي لطالما تعلقت به في صغرك وصلنا نبأ وفاته اليوم ، وكما تعلم يابني بأن العم مفيد هاجر هذه الديار منذ فترة طويلة مع جارنا جابر ، ولم نعلم عن كليهما شي ، إلى أن وصلني اليوم الخبر من جارنا جابر الذي انقطع طويلاً وأبلغني بأن العم مفيد كان في نزهة مع أبنائه بالإضافه إلى إبنته حلم .. وأخبرني بأنهم توفوا جميعاً وتمكنوا من العثور على جثثهم ماعدا جثة ابنته حلم وأحد أبناء العم مفيد كان الخبر أكثر من صاعقة على ساير ، كون العم مفيد هو من الأشخاص الذين ودّ ساير بأن يكون مثلهم ، وهو من ضمن أهدافه التي دونها ، كون العم مفيد كان يتصف بكثير من الصفات التي حببت ساير بشخصيته فقرر أن يكون مثله ، أو أقرب إليه في حينها .. بعد أن تجاوز ساير تلك الفترة وتمكن مرة اخرى من تنفس الصعداء ، كان يشده الفضول في معرفة المزيد عن عمه مفيد ، كيف قضى حياته وكيف مات ، كانت هذه الخطوة في حياة ساير بمثابة تحدي لتحقيق أحد اهدافه .

وبعد ان بحث ساير كثيراً عما كانت عليه حياة عمه مفيد فوجود بأن العم مفيد واصل على ما كان عليه من خُلق ، بيد أن ميول حياته تغيرت ، أصبح أقل من ناحية تواصله اجتماعيا مع من حوله ، منزوِ غالباً ، وكثير التفكير بحيث لا يعطي فرصة لأحد بأن يفهم ما يجول في ذهنه عاد حينها ساير ليرتب بعض أولوياته .. وليوقن فعلاً بأن الأحوال لا تدوم . عاود ساير ليفتح ما دونه عن أهدافه سابقاً ويتمم قراءة أهدافه ، ووجد بأن لم يتبقى له سوا هدف أو امنيه لم ينجزها بعد الأخير والذي أمتثل بعمه الراحل … ووجد في نفسه بأنه بإمكانه التحلي بخلق عمه في ماضيه ، لكنه الآن لن يستطيع أن يتقمص شخصيته ، كون ساير لم يتمكن حتى من التعرف على ظروف عمه مفيد .. لذك قرر أن يتنازل عن هدفه هذا ، والذي كان بمثابة أمنية أكثر من كونه هدف .

تبقى على ساير أن ينظر بلهفة لآخر تدويناته عن أهدافه وأحلامه .. إنه بعد كل الحصاد المثمر الذي حصده مازال أمامه أمنية آخرى لم تتم بعد ، حينما أطلع عليها ساير انطبعت على ملامحه ابتسامة ساخرة .. وأخذ بقلمه ودوّن ملاحظة في أسفل آخر أمنية لم ينجزها بعد كتب فيها ” إن بعض الأهداف نسعى لها فنحقهها ، وبعضها نخالطها ببعض الأماني والتضرع لله بأن تحقق فتُيسر لنا ، وبعضها الآخر نكتشف بأن ماهي إلا ( حلم ) في طبعنا الإنساني الضعيف نسميه المستحيل وليس عند الله من مستحيل ،وإن آخر اهدافي تعبر عن ذلك المستحيل ” خرج ساير من بعدها في تلك الليلة الباردة سيراً على قدمه .

لم يلبث إلا وان توقف في منتصف الطريق دون مراعاة لما يحدث من حوله .. متأملاً في جاره جابر والذي يصطحب معه ابنته حلم … حلم ! توقف حائراً ، حلم! . أخبرني والدي بأنها توفيت مع العم مفيد في الحادث الذي وقع لهم ! تذكر حينها بأن والده أخبره بأن ممن لم يجدوا جثثهم بعد كان حلم وأيضاً أحد أبناء العم مفيد ، بعد أن أدرك بأن حلم فعلاً على قيد الحياة .. عادت البسمة إلى محياه .. متذكراً آخر امانيه المدونة .. والتي كانت تخصُ حلم .. عاد ليتذكر ما أعاد تدوينه عنها في آخر أمنياته والتي قال فيها عنها ” وَصفتُك ولَم أُغالي فِيك .. تَسيدتِ نَفسِي ، وَرغبتِي .. وكُل حُلمٍ فِي حَياتِي أَعتليتِي عَاليهْ … هَانَت ، وسَهُلت كُل أَحلامِي وكُل مَا فِي حياتِي مِن مُستحِيل .. عَداك ، فكُنتِي ومَا زِلتي أَعظمَ مُستحِيل .. بينَ الثُرياً أراكِ مِني قَريبَة .. وَمَا ألبثْ إلا وَأَرى نفسِي بَينَ ثَرى الأرضِ .. أَحلُم بِك .. أتخيلُكِ .. أتمناكَ .. فِي أحلامِ يَقظتِي ”

إن آخر أمنيات ساير كانت تتمثل في حلم ، والتي اختفت فظل يوسوس في أمنيته الأخيرة بعد أن قيل له بأنها ميتة ، عاد ساير ليدرك مرة أخرى بان الذي أمامه أكثر من حلم يقضه .

إنه حلم واقع .. تحقق بعد عسر الأمل في أن يتحقق !
محمد شادي (New-1)

التعديل الأخير تم بواسطة New-1 ; 03-08-2014 الساعة 12:16 AM
New-1 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس