عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 09-09-2013, 02:04 AM
الصورة الرمزية Žόяόşķί  
رقـم العضويــة: 35063
تاريخ التسجيل: Feb 2010
الجنس:
العـــــــــــمــر: 37
المشـــاركـات: 8,050
نقـــاط الخبـرة: 5214
Yahoo : إرسال رسالة عبر Yahoo إلى Žόяόşķί
Gmail : Gmail
icon67 مميز : الجواب .. و الجواب البديل [الجزء الثالث] قصة قصيرة








السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته

تحية أدبية ملؤها المودة و المحبة أتلوها على آذانكم الرقيقة كرقة ريش النعام

حياكم الله في رحاب القصة التي تأخذ كل مرة منحى جديد و تداعيات أكبر

همسات من الماضي توقظ حنين بطلتنا خلود إلى مرتعها الذي طبع على بالها لحظات

من الأسى و الاشتياق، فما حدث معها و ما سيحدث بعدها جعلها تفكر و بعمق في مدى

الهاجس الذي تتوجسه إثر تصرف بسيط ثم ورقة عليها حروف أحرقت قلبها و شتت أفكارها

تابعوا لتعرفوا و إن شاء الله سيروق لكم الفصل هذا لأنه سيكشف أمورا كثيرة

تحياتي للمصمم الطيب Dialr و المنسقة طيبة القلب الله يحفظها
ᴊυℓɪєτღ

و التي دائما تساندني و تدعمني المتألقة ساحرة القلوب

و لكم أنتم القراء من أعضاء و زوار على قراءتكم للموضوع






ليست جِنان فقط من أبكتها قصة خلود .. بكت السماء معها أيضا بكت

الشمس المحتجبة خلف الغيوم و كأنها مستحية من خلود.. تطايرت الرياح

بالإتجاه المعاكس و كأنها تحاول إستعادة الوشاح، بكت أشجار البرتقال أيضا،

و من يستطيع حبس دموعه أمام جرحها الدامي الغير ملتئم، حين يرش عليه

رجل الظلام الملح بسخاء، فتح الجرح و فتحت معه ذكريات سنوات خوالي،

حين كانت خلود تسكن في مكان آخر مازال ساكنا فيها، هناك.. أين يدندن

ذلك الشاب طوال النهار ليتناسى ساقه المبتورة، أين تضع الأم خمسة ملاعق

لأطفالها الأربعة، أين تجلس الفتاة بملابسها الثمينة بعيدا عن البقيات،حيث

تجلس بعيدا.. ذات الملابس الرثَّة أيضا في الجهة الأخرى من الشارع، هو مكان

واحد حيث يعتبر صاحب الساق المبتورة مجنونا، و تلك الأم المسكينة مختلة

حيث لذات الشيء ألف مسمَّى، ألف معنى.

...

مقابل كل ذلك، مقابل كل تلك العمارة الضخمة التي يسكنها الغني و الفقير،

يوجد منزل ضخم يضاهي تلك العمارة أو يفوقها شموخا، و بما أن خلود ترعرعت

في الريف، كانت العمارة و الإزدحام عاملان دخيلان غريبان عن عالمها.

لم تالف المكان و لم تشعر فيه بالإرتياح، و رغم ذلك لا يسعدها شيء خلال تلك الفترة

التي قطنت فيها المدينة أكثر من الوقوف خلف ستائر النافذة الشفافة وتتأمل العمارة

و سكانها و أحداثها الكثيرة.
إنه الصباح، و قبل أن تتناول خلود فطورها تذهب لاقتناء الجرائد، و بمجرد أن تعبر الشارع

الضيق، تكون قد انتقلت من حيها الراقي إلى الحي الشعبي المكتظ، تلقي التحية على

صاحب المكتبة، إنه صاحب الساق المبتورة، تساءلت خلود: " ترى، أي نوع من الجرائد

سيشتري؟!" ظلَّت صديقتنا الفضولية تراقبه مخفية استغرابها منه و هو لا يطالع

إلا الأخبار الرياضية، و بينما همَّ بإخراج النقود من جيبه سقط أحد العكازين أرضا، أسرعت

خلود و حملت العكاز من الأرض، نظرت إليه و هي تمد له يد العون، فأحست حينها أنها

في أمس الحاجة لمن يمد لها تلك اليد، أخذت بيده و هي ترجو أن يأخذ بيدها.. نظراته

مختلفة عن كل النظرات، رمقها بها اكتسحت وجدانها و لم تشعرها بالمهانة، رجلا

بكل معاني الكلمة، لم ترى ساقه المبتورة بل أن شيئا منها كان مبتورا، شكرها

ذلك الشاب الوسيم بشيء من اللامبالاة، و همَّ بالمغادرة، غير أنها استوقفته

و ما استوقفته بإرادتها، بل أن شيئا بداخلها يأبى مغادرته، قالت خلود المغلوب

على أمرها: " هل أنت من هنا؟" أجاب: " نعم، أقطن تلك العمارة المقابلة

" قالت خلود: " إذا نحن جيران؟! " أجاب الشَّاب: " هل أنتم سكان جدد؟" قاطعته

: " لا، أسكن ذلك المنزل المقابل " قال الشاب: " إذا نحن لسنا جيرانا يا آنسة !

حاشا لله أن نكون جيرانا؟ ".

ذلك الجواب المتعجرف أغضب خلود كثيرا، غادرت المحل غاضبة تلوم نفسها

في كل خطوة، ما الذي فعلته؟ من يظن نفسه.
...

في صباح اليوم الموالي شعرت بالشاب خلفها و هي ذاهبة للتسوق، تظاهرت

باللامبالاة حين ألقى التحية ثم قالت: " نعم" و كم حملت تلك الكلمة من معان كثيرة،

كثير من العتاب قليل من الدلال، و أشاء أخرى قد يكون فهمها، فما قال إلا " آسف "

كان يحمل في يده كتابا فسألته: " لمن هو؟ " فقال: " هو ديوان شعر كتبته بنفسي

عنوانه – قاتلتي – هو طبعة واحدة و هي مني إليك". شكرته خلود ببرودة و عادت

أدراجها، فما عادت ترغب في الذهاب لأي مكان، فكل الأماكن بحوزتها إرتمت فوق

سريرها، و قبل أن تقرأ الإهداء فتحت الكتاب عشوائيا، لم تقرأ الكلمات، بل كانت تنصت إليها:
...

ليست عيناك قاتلتي ليست عيناك

ليست نظراتك سيدتي بكل الويلات

و لا هو الموت المتربص بين شفتيك

و لا حتى البسمة الساحقة لكل البسمات

ليست عيناك – صدقي ليست عيناك –

يقتلني حياؤك سيدتي يملؤني هياما

منفي فيه و منبوذ سنين و أعواما

نصبت مشنقتي على رموشك دونما أحكام

يقتلني الخجل الساكن فيها... ما عاد الخجل ليسكن

شيئا هذه الأياما

ليست عيناك قاتلتي ليست عيناك

صمتك سيدتي مزقني أشلاءا

في الحب جعلتني سيدتي زعيم الجبناء

توري في وجهي ظالما كنت أو مظلوما

انفعلي، إحتجي فما خلف المولى عبدا معصوما

ليست عيناك – و الله ليست عيناك –

سكوتك قال ما لم تقوى عليه الكلمات

هدوء زعزع بي الأرض و طال السماوات

حيا كنت أو جثة بين الأموات

لن أهوى غيرك سيدتي رغم الويلات
...

أخذت خلود تقلب الأوراق كالباحث عن شيء مفقود ثم عادت لأول صفحة الإهداء:

" إليك أنت يا سيدة القصر، يا من سكنت قلبي منذ سنتين و ثلاثة أشهر، و ما أنت

بمغادرة لقلبي حتى و إن غادرت القصر، أنا من علت الموجة أمامي فوقفت أمامها

وجها لوجه حائرا، هل أركبها أم أغوص فيها؟ فبعثرتني في كل مكان أشلاءا مني علت

فوقها و أخرى غاصت فيها، فلم أجني من وراء ترددي سوى الأمرَّين ".

كلماته زادتها شرودا و حيرة، و أخذت تتساءل، ترى، ما قصده من كل هذا؟.

رغم حيرتها إلاّ أنها سعيدة، لقد أوصل لها بكلماته التي لم تفهم معناها شعورا نبيلا

لم تحسَّه من قبل، أحست أن نظراته التي تشبه الغروب ملكا لها، بل أحسَّت أن الغروب

نفسه ملكها.
...

التعديل الأخير تم بواسطة ساحرة القلوب ; 09-09-2013 الساعة 05:16 PM
رد مع اقتباس