يبتلى امرؤٌ بـفقد عزيز فيعين لهُ الاصطلاح
من أثوابه اللون والقماش والتفصيل والطول
والعرض والأزرار فلا يتبرنط, ولا يتزيا, ولا ينتعل,
ولا يتحرك, ولا يبكي إِلاّ بموجب مشيئة بيئته
المسجلة في لوائح الحداد الوهمية, كأنما هو
قاصر عن إِيجاد حداد خاص يظهر فيه - أو لا يظهر -
حزنه الصادق المنبثق من أعماق فؤاده..
بل أرى أن أخبار
الأفراح التي يطنطن بها الناس كالنواقيس,
ومظاهر
الحداد التي ينشرونها كالأعلام, إنما هي
بقايا
همجية قديمة من نوع تلك العادة التي تقضي بـ
حرق المرأة الهندية
حيةً قرب
جثة زوجها. وإِني لعلى يقينٍ من أنه
سيجىءُ يومٌ فيه يصير
الناس أتم
أدبًا من أن يقلقوا
الآفاق بطبول مواكب الأعراس
والجنازات,
وأسلم
ذوقًا من أن يحدثوا الأرض وساكنيها أنه جرى لأحدهم ما يجري
لعباد الله أجمعين من ولادةٍ
و زواجٍ
و وفاة.
و
تمهيدًا لذلك اليوم الآتي
أحيِّي الآن كلَّ متشّحٍ بالسواد;
أما
السعداء فلهم من نعيمهم ما يغنيهم عن السلامات والتحيات..
أحيِّي الذين يبكون
بعيونهم,
وأولئك الذين يبكون
بقلوبهم:
أحيِّي كلَّ حزين, وكل منفردٍ, وكل بائسٍ, وكل كئيب.
أحيِّي كلاًّ منهم متمنية له عامًا مقبلاً
أقلَّ حزنًا و
أوفر هناء من العام المنصرم.
........>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> .........[مي زياده]