عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 05-04-2012, 10:12 AM
الصورة الرمزية شَنَجُ الرَبيعْ  
رقـم العضويــة: 56151
تاريخ التسجيل: Jul 2010
الجنس:
المشـــاركـات: 30,056
نقـــاط الخبـرة: 1041
●● الخليفةُ الثانيّ ، عُمَر بن الخَطاب رضيَ الله عنهُ || الجزءُ الثاني || ~







.


.: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :.

أسعد الرحمن أيامكُم ولياليكُم بذكره وحسن أعماله

كـيـف حـالكُم , وأحـوالـكُم أيـها الأحــبـة فـي الله

عساكُم بخير وكُلُ الأمورِ بخير وصحتكُم طيبة


.







.


الحمدلله , ها نحنُ نعود إليكُم مُجدداً لنُكمل سيرة هذا الرجلُ العظيم ونطرح

الجزء الثاني مِن سيرتهْ الكريمة , عسى أن تفيدُ وتستفيدُ مِنها بأحسن وجه

وما يرضى الله تعالى ولزيارة الجزءُ الأول تفضلُ مِن :: هـــُـنا ::

والآن أترككُم مع عمر بن الخطاب وسيرته رضيَ الله عنه ~

على بركة الله : -


.





.

رابعاً: رأي عمر في عدم قبول دية قتلى المسلمين، واعتراضه على إقطاع الصديق للأقرع بن حابس، وعيينة بن حصن:


.

1- رأي عمر في عدم قبول دية قتلى المسلمين في حروب الردة:

جاء وفد بُزاخة من أسد وغطفان إلى أبي بكر يسألونه الصلح، فخيرهم بين الحرب المجلية والسلم المخزية، فقالوا: هذه المجلية قد عرفناها فما المخزية؟ قال تنزع منكم الحلقة والكراع، ونغنم ما أصبنا منكم وتردون علينا ما أصبتم منا، وتَدون قتلانا وتكون قتلاكم في النار، وتتركون أقواماً يتبعون أذناب الإبل حتى يري الله خليفة رسوله صلى الله عليه وسلم والمهاجرين أمراً يعذرونكم به، فعرض أبو بكر ما قال على القوم، فقام عمر بن الخطاب، فقال: قد رأيت رأياً سنشير عليك، أما ما ذكرت من الحرب المجلية والسلم المخزية فنعم ما ذكرت، وأما ما ذكرت أن نغنم ما أصبنا منكم وتردّون ما أصبتم منا فنعم ما ذكرت، وأما ما ذكرت تدون قتلانا وتكون قتلاكم في النار، فإن قتلانا قاتلت فقتلت على أمر الله، أجورها على الله ليس لها ديات. فتبايع القوم على ما قال عمر([1]) .


.

2- اعتراضه على إقطاع الصديق للأقرع بن حابس وعينيه بن حصن:

جاء عيينة بن حصن والأقرع بن حابس إلى أبي بكر – رضي الله عنه – فقالا:
يا خليفة رسول الله إن عندنا أرضاً سبخة ليس فيها كلأ ولا منفعة، فإن رأيت أن تقطعنا لعلنا نحرثها أو نزرعها، لعل الله أن ينفع بها بعد اليوم، فقال أبو بكر لمن حوله: ما تقولون فيما قالا، إن كانت أرضاً سبخة لا ينتفع بها؟ قالوا: نرى أن تقطعهما إياها، لعل الله ينفع بها بعد اليوم. فأقطعهما إياها، وكتب لهما بذلك كتاباً، وأشهد عمر، وليس في القوم، فانطلقا إلى عمر يشهدانه، فوجداه قائماً يهنأ([2]) بعيراً له، فقالا: إن أبا بكر أشهدك على ما في الكتاب فنقرأ عليك أو تقرأ؟ فقال: أنا على الحال الذي تريان، فإن شئتما فاقرءا وإن شئتما فانظرا حتى فرغ، فأقرأ عليكما قالا: بل نقرأ فقرءا فلما سمع ما في الكتاب تناوله من أيديهما ثم تفل عليه فمحاه، فتذمرا، وقالا مقالة سيئة، فقال: إن رسول الله كان يتألفكما، والإسلام يومئذ ذليل، وإن الله قد أعز الإسلام، فاذهبا فأجهدا جهدكما، لا رعى الله عليكما إن رعيتما. فأقبلا إلى أبي بكر وهما يتذمران فقالا: والله ما ندري أنت الخليفة أم عمر: فقال:لا بل هو لو كان شاء. فجاء عمر – وهو مغضب – فوقف على أبي بكر فقال: أخبرني عن هذه الأرض التي أقطعتها هذين أرض هي لك خاصة أم للمسلمين عامة. قال: بل للمسلمين عامة. قال: فما حملك أن تخص بها هذين دون جماعة المسلمين؟ قال: استشرت هؤلاء الذين حولي فأشاروا علي بذلك. قال: فإذا استشرت هؤلاء الذين حولك، فكل المسلمين أوسعتهم مشورة ورضي. فقال أبو بكر رضي الله عنه: قد كنت قلت لك إنك على هذا أقوى مني، ولكن غلبتني([3]).

هذه الواقعة دليل لا يقبل الشك أن حكم الدولة الإسلامية في عهد الخلفاء الراشدين كان يقوم على الشورى، فهي تظهر لنا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حريصاً على استشارة المسلمين في الصغير والكبيرة، وما كان ليبرم أمراً دون مشورة إخوانه([4]).

إن الخبر السالف الذكر يؤكد لنا أن خليفة رسول الله رضي الله عنه كان يمضي الشورى في كل شأن من شؤون المسلمين، بل وكان ينزل عن رأيه، وهو من هو رضي الله عنه، إنها صورة للشورى الحقيقية المنضبطة مع أوامر الله، مع الحلال والحرام، لا الشورى المزيفة التي تجري تحت قباب مجالس دستورية لم تجن من ورائها الشعوب إلا المرارة والاستبداد والظلم والضياع([5]).



.

خامساً: جمع القرآن الكريم:

كان من ضمن شهداء المسلمين في حرب اليمامة كثير من حفظة القرآن وقد نتج عن ذلك أن قام أبو بكر رضي الله عنه بمشورة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بجمع القرآن حيث جمع من الرقاع والعظام والسعف ومن صدور الرجال([6])، وأسند الصديق هذا العمل العظيم إلى الصحابي زيد بن ثابت الأنصاري، قال زيد بن ثابت رضي الله عنه: بعث إليّ أبو بكر رضي الله عنه لمقتل أهل اليمامة([7])، فإذا عمر بن الخطاب عنده، قال أبو بكر رضي الله عنه: إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحر([8]) يوم اليمامة بقراء القرآن الكريم، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن([9])، كلها فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن قلت لعمر: كيف أفعل شيئاً لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!! فقال عمر: هذا والله خير، فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر عمر، ورأيت في ذلك الذي رأى عمر، قال زيد: قال
أبو بكر: وإنك رجل شاب عاقل، لا نتهمك وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله r، فتتبع القرآن فاجمعه([10]). قال زيد: فوالله لو كلفني نقل جبل من الجبال ما كان بأثقل عليَّ مما كلفني به من جمع القرآن([11]).


.

ونستخلص من واقعة جمع القرآن الكريم بعض النتائج منها:

1- إن جمع القرآن الكريم جاء نتيجة الخوف على ضياعه نظراً لموت العديد من القراء في حروب الردة، وهذا يدل على أن القراء والعلماء كانوا وقتئذ أسرع الناس إلى العمل والجهاد لرفع شأن الإسلام والمسلمين بأفكارهم وسلوكهم وسيوفهم فكانوا خير أمة أخرجت للناس ينبغي الاقتداء بهم لكل من جاء بعدهم.


.

2- إن جمع القرآن تم بناء على المصلحة المرسلة ولا أدل على ذلك من قول عمر لأبي بكر حين سأله كيف نفعل شيئاً لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه والله خير وفي بعض الروايات أنه قال له: إنه والله خير ومصلحة للمسلمين، وهو نفس
ما أجاب به أبو بكر زيد بن ثابت حين سأل نفس السؤال وسواء صحت الرواية التي جاء فيها لفظ المصلحة أو لم تصح، فإن التعبير بكلمة خير، يفيد نفس المعنى، وهو مصلحة المسلمين في جمع القرآن، فقد كان جمع القرآن مبنياً على المصلحة المرسلة أول الأمر ثم انعقد الإجماع على ذلك بعد أن وافق الجميع بالإقرار الصريح أو الضمني وهذا يدل على أن المصلحة المرسلة يصح أن تكون سنداً للإجماع بالنسبة لمن يقول بحجيتها كما هو مقرر في كتب أصول الفقه.


.

3- وقد اتضح لنا من هذه الواقعة كذلك كيف كان الصحابة يجتهدون في جو من الهدوء يسوده الود والاحترام، هدفهم الوصول إلى ما يحقق الصالح العام لجماعة المسلمين، وأنهم كانوا ينقادون إلى الرأي الصحيح وتنشرح قلوبهم له بعد الإقناع والاقتناع، فإذا اقتنعوا بالرأي دافعوا عنه كما لو كان رأيهم منذ البداية، وبهذه الروح أمكن انعقاد إجماعهم حول العديد من الأحكام الاجتهادية([12]).
.



رد مع اقتباس